يقول الأثر العربي الشهير : فاقد الشيء لا يعطيه ، فقد يظن كثير من الآباء أن الأبوة تعني أن توفر الغذاء والملابس والعلاج والسكن ، وأن تعطي أبناءك ما يكفي من الحب والحنان ، وقد يصدم البعض إن قدمت له نقدا ، إذ في ظنه أنه قدم الكثير لهذا الابن ، وهذا في حقيقة الأمر يحصر الأبوة في أحد جانبين ، أو الجانبين كليهما ، وهما المال والعاطفة ، ولا شك بأنهما جانبان هامان ، ولكنهما للأسف لا يكفيان لصنع الإنسان ، ولو تساءلنا هل أعد هؤلاء الآباء الإعداد السليم ليكونوا أناسا صالحين ؟ ، فإذا كانت الإجابة ((لا ))، فكيف إذن ننتظر منهم أن يصنعوا أجيال المستقبل ؟ ، إن الأبوة معنى كبير وعظيم ، يتضمن واجبات ليس بالهين أداؤها ، فمن هذه الواجبات رعاية الناحية الجسمية ، ولعل تفشي السمنة وتسوس الأسنان مؤشر على إهمال هذا الجانب ، فقد نشرت صحيفة الوطن عن دراسة سعودية مفادها أن نسبة الإصابة بمرض تسوس الأسنان لدى الأطفال في المملكة تتراوح بين 74% - 93% ، كما كشف المؤتمر الدولي الأول لعلاج ومكافحة السمنة لدى الأطفال والشباب ، والذي أقيم برعاية جامعة الإمام ، كشف أن نسبة السمنة ارتفعت إلى 35.5% لدى أطفال المدارس، ومن الواجبات ما يتعلق بممارسة العبادات ، ولعل ابتعاد الكثير من الآباء عن أبنائهم ومنازلهم ، أفقد الأبناء القدوة الصالحة ، ومن الواجبات ما يتعلق بالجانب التثقيفي ، وللأسف الشديد فإن المؤشر الثقافي في منحى نزولي ، فقد أكدت إحصائيات عالمية أن معدل قراءة الفرد العربي على مستوى العالم ربع صفحة ، بينما يصل متوسط قراءة الأمريكي إلى 11 كتاباً والبريطاني إلى 8 كتب ، ومن الواجبات ما يتعلق بجانب التدريب على المهارات الاجتماعية ، وهو أمر مهمل ، فالكثير من الآباء لا يعلم شيئا عن ابنه ، فكيف له أن يدربه إن الأبوة تتضمن مشقة حتى نكون قد حققناها ، ولكن كيف لنا أن نصبح آباء ونحن لا نفقه شيئا عن كيفية التعامل مع كل مرحلة عمرية ، وكيف لنا أن نصبح آباء ونحن نفتقر إلى الثقافة في كل جوانبها ، وخاصة ثقافة الأبوة ، إنه من الأسهل لنا أن نظل آباء فارغين ، ولكن عندها علينا ألا نحصد الثمار ، لأنها حتما ثمار ضارة ، لن يرتقي بها وطن ، ولن تقر بها عين .