بعيداً عن الرياضة , كان المجتمع السعودي مهدداً بعدة مشاكل أطلت برؤؤسها القبيحة على التوالي , تجرّ أحدها الأخرى , بدءاً بالتفحيط وسرقة السيارات , وارتفاع معدل الجريمة , والعنوسة , والانحراف الفكري والإرهاب .. الخ ! وكانت وسائل الإعلام تتحدث عن كل مشكلة على حدة , وتأخذها على انفراد منفصلة عن الأخرى , هناك من يتحدث بلغة الأرقام , وهناك من يتحدث عن دور الأسرة , وهناك من يُحمّل المدرسة جزءاً من المسئولية .. هذا يرمي الكرة في ملعب هذا , وخذ من تنظير ومحاضرات وندوات وفلسفة يصل معها المتلقي لدرجة الصداع دون أن يلمس حلاً فعلياً أو علاجاً ناجعاً على أرض الواقع ! كان الكل يتحدث إما تبرئة نفسه أو لاتهام الآخرين , لذا فمن الطبيعي أن المشاكل تتعاظم وتتفاقم , حتى كدنا ندخل نفقاً اجتماعياً مظلماً لولا فطنة المؤسسات الرسمية في البلد بالوقت المناسب عندما نهضت فجأة وقامت بدورها كما يجب للقضاء على منبع ( كل ) هذه المشاكل وهي : البطالة ! سكت الجميع فجأة وتركوا التنظير .. وبدأ الكل يعمل وفق إستراتيجية معينة تهدف لاجتثاث البطالة من جذورها , فبدأت المشاكل تتناقص عندما قل تدفق منبعها , ولازالت المحاولات الجادة جداً تسعى لحصاره وتضييق الخناق عليه إلى أن يتم تجفيفه وردمه . في النصر هناك باقة كبيرة من المشاكل مختلفة الألوان والأحجام , عندما تتابع النصراويون وهم يناقشونها في الصحف أو على الشاشات تتخيل أنك في غرفة انتظار الطبيب المليئة بالمرضى .. واحد يشكي والثاني يبكي .. هذا يدعي بأنه مظلوم .. وذاك يقول بأنه محارب .. والثالث يتظاهر بأنه بريء .. والآخر يوحي بأنه أكبر عشاق الكيان .. وهكذا ! ثم ما تلبث بعد قليل حتى تجدهم يتقاذفون كرة النار فيما بينهم .. وهذا يرمي التهم على ذاك .. لا أحد يتقمص دور الطبيب .. ولا أحد يشخص .. ولا أحد يفكر ! وخذوا مثلاً مداخلة رئيس النصر الثانية في خط الستة الأسبوع الماضي عندما اتصل وقال : نعم أنا من رشحت إبراهيم العيسى للعمل في الفئات السنية , حسناً وليكن , لكن أليس من الأجدى أن ترمي على الدكتور أيمن باحاذق كلمة شكر تجاه ما قدمه للنادي ثم لتلطف بها الأجواء سيما وهو معك على الهواء تلك اللحظة ! ولكن ذلك لم يحدث , لأن الرئيس يفكر تلك اللحظة بنفسه وبمدير الكرة فقط , لذا كانت مصلحة النادي في واد بينما هدفه من المداخلة في قارة أخرى ! يقول الأوزاعي : إذا أراد الله بقوم شراً , ألزمهم الجدل , ومنعهم من العمل . قليلاً من الاختلاف مع النقاد يا إدارة النصر .. ومزيداً من الهدوء وتحمل المسئولية .. فالأصابع كلها تتجه نحو نتائج الفريق الأول السيئة جداً هذا الموسم فهي منبع مشاكل النصر كلها .. لا أتحدث عن عدم تحقيق البطولات .. فقط أريد نتائج جيدة ومستويات ثابتة كمرحلة أولى , إلى أن يستند الفريق على قاعدة صلبة من الثقة , لينطلق منها نحو ماهو أبعد . منبع ( كل ) هذه المشاكل في النصر هي نتائجه السيئة .. وإن تم ردمها ودفنها فعلياً فإن هذه المشاكل ستختفي من النادي بشكل متسارع وخرافي . [email protected]