عقود اللاعبين الأجانب شغلت حيزا كبيرا من الجانب الإعلامي وبعضها تسبب في موقف حرج لبعض الأندية لاسيما وأن البعض منها معرض لأن تتخذ ضده قرارات من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم في ظل لجوء بعض اللاعبين للفيفا... هذه القضية المثيرة للجدل في الوسط الرياضي تتطلب تدخلا بصورة ما من قبل المسئولين باتحادت كرة القدم في الوطن العربي لوضع حد لظاهرة ارتفاع أسعار بعض اللاعبين الأجانب بصورة لا تتناسب مع امكانياتهم الفنية لدرجة أن البعض منهم قد لا يستحق ان تتعدى عقودهم ( ربع ) قيمة العقود التي تدفعها لهم أنديتنا المحلية في الوقت التي تصل عقودهم الى ملايين الدولارات . أسعار اللاعبين، التي وصلت إلى أرقام فلكية لا تتناسب مع تصنيف الأداء والمستوى لأطراف العلاقة في الدوريات العربية والمسابقات القارية ولا الدولية ، حيث فاقت المعدل الطبيعي والمعقول، من حيث المستوى او المردود النهائي الذي يقدمه اللاعبون في تلك المسابقات، الأمر الذي أدى إلى استنزاف مادي مستمر لميزانيات الأندية على مر هذه السنين،. إزاء هذه الظروف فقد بدأت بعض الأندية تعيش تراكمات وتبعات مالية كبيرة قد تصل ببعضها إلى حد إعلان الإفلاس ما لم يأتي هناك تدخل عاجل لإخراجها من هذه الدوامة المزعجة، كونها انعكاساً حتمياً لممارسة أساسها خاطئ وغير مدروس. قبل أن نخوض في تحديد الطبيعة القانونية لهذا النوع من العقود لابد من التمييز بين لاعب كرة القدم المحترف و بين لاعب كرة القدم الهاوي، هذا التمييز التي حددتها معايير الفيفا التي تعتبر يمثابة نصوص تنظيمية لكرة القدم. فاللاعب المحترف هو اللاعب الذي يتلقى أجرا شهريا يدفعه له النادي الذي يلعب له إلى جانب باقي التعويضات التي يتلقاها نظير مشاركته في نشاط رياضي متصل باللعبة، كما يعد في العرف الرياضي اللاعب محترف كل لاعب لعب لموسم أو أكثر لصالح نادي أجنبي من الدرجة الممتازة. أما اللاعب الهاوي فيعد هاويا إذا لم يتلقى أي مستحقات عدا المصاريف الفعلية الحاصلة خلال مشاركته في أي نشاط متصل باللعبة، أما بالنسبة لمصاريف الفنادق و تكاليف و معدات و تجهيزات اللاعب اللازمة لنشاطه الرياضي و التأمين و التدريب فيمكن أن تعطى للاعب هاوي من دون أن تؤثر على مزكزه (اي يبقى دائما اللاعب هاوي). و خلاصة القول فإن الهاوي رغم أنه يتقاضى مصاريف مثله مثل المحترف، إلا أن المصاريف التي يتلقاها المحترف هي نظير خدماته للنادي في حين أن الهاوي هي نظير متطلبات أداء اللعبة. نحن أمام ظاهرة تتطلب التدخل السريع للحفاظ على المال العام من جانب وأيضا الحفاظ على الأندية من جانب أخر بحمايتها من تحمل أعباء مالية تضعها في موقف حرج وتقلل من فرص النجاح للإدارت التي تصبح عاجزة عن تدبير امورها المالية ومن ثم يؤدي الأمر لفشل الإدارة لانها تحملت ماهو أكثر من طاقتها المادية وأنها ضحية لمجموعة تعبث بالوسط الرياضي وفقا لمصالحها الخاصة وتتسبب في ارتفاع أسعار اللاعبين بصورة غير مبررة . من المعلوم أن عقد انتقال اللاعبين المحترفين لكرة القدم هو نوع من أنواع عقود العمل، إذ تعتبر كباقي أنواع عقود العمل حيث يضع شخص (لاعب) خدماته و أنشطته رهن إشارة شخص آخر (النادي) لمدة معينة لقاء أجر يقدمه الثاني (أي النادي) للأول (أي اللاعب ). إذ مقابل إعطائ اللاعب لمجهوده البدني و نشاطه الجسماني للنادي الذي يتعاقد معه يأخد مقابل ذلك أجره منه، و هو نفس المبدأ المعمول به في قوانين العمل، حيث يلتزم العامل بوضع جهده و خدماته رهن إشارة رب العمل، مقابل أجرة عن ذلك. و قد تدخل الإتحاد الدولي لكرة القدم FIFA في تأطير و تنظيم هذا النوع من العقود و غيرها كعقد إعارة اللاعبين على غرار ما قام به المشرع في إطار قوانين العمل، و هذا بعد الإنتشار الواسع لهذا النوع من العقود في السنوات الأخيرة، على إثر الأهمية الإستثمارية و الإقتصادية و حتى السياسية و التاريخية الذي أصبحت تحظى بها كرة القدم. و يبقى اللاعب طيلة مدة سريان عقد انتقاله إلى ناديه الجديد ملزما بأداء خدماته و أنشطته لصالح ناديه، و لا يمكن أن يستعين أو يتغير بأي شخص آخر. العقد التبادلي هو العقد الذي يكون كلا طرفاه دائنا و مدينا في نفس الوقت أي أن الالتزمات فيه متبادلة و متقابلة. و عقود انتقال اللاعبين هي عقود تبادلية لأن اللاعب يكون دائنا للنادي بمستحقاته و أجرته و يكون مدينا له بخدماته و أنشطنه، أما النادي فيكون دائنا للاعب بالأجرة و مدينا له بلعبه و أنشطته و خدماته الكروية هذا بالنسبة للعلاقة بين اللاعب و ناديه الجديد أما العلاقة بين الناديين فيلتزم النادي الجديد بدفع النقابل في حين يلتزم النادي الأصل بالسماح للاعب بالإنتقال إلى النادي الأول. اما النوع الثاني فهي عقود المعاوضة هي تلك العقود التي يأخذ فيها كل طرف مقابل لما يعطي. و عقد انتقال اللاعبين هو من عقود المعاوضة حيث يأخد النادي الأصل مقابل ما يأخد و نفس الشيء بالنسبة للنادي الجديد. اما فيما يخص النوع الثالث فهي العقود الشكلية، فالعقد الشكلي هو ذلك العقد الذي لا يصح انتقاده و صحته إلا إذا اتخد شكلا معينا و النموذج العام لهذا النوع من العقود في القانون الحديث هو وجوب أن تحرر في ورقة موقعة من طرف العاقدين أو من قبل جهة مختصة. و عقود انتقال اللاعبين هي عقود شكلية ألزم الإتحاد الدولي لكرة القدم أن تحرر في شكل خاص، و تكون مذيلة بتوقيعات الأطراف و هما النادي القديم الذي سمح بانتقال اللاعب و النادي الجذيذ الذي ضمه لصفوفه. اما النوع الرابع فهي عقود المساومة بأنها تلك العقود التي لا تبرم إلا بعد إجراء تفاوض و مساومة و أخد و رد بين الأطراف يتساويان في مناقشة شروط و آثار العقد رضا مقابل رضا. و عقود انتقال اللاعبين لا تبرم إلا بعد أن تجرى مفاوضات و مناقشات و مساومات بين اللاعب و النادي الأصلي من جهة و النادي الجديد من جهة أخرى و غالبا ما تنصب هذه المفاوضات على مدة اللعب، و مبلغ الإنتقال، و شروط الإتنقال و أجرة اللاعب و غيرها لذلك فإن النتيجة لهذه العملية غير المتكافئة تكون مفرزاتها الحالة المادية التي باتت عليها تلك الأندية، رغم أنها أحياناً لا تلام، إذ تكون مضطرة للدخول في تلك المزايدات لجلب هذا اللاعب أو ذاك بسبب ضغط جماهيرها، لكن هل ما يحدث منطقي وعقلاني بأن تسلك هذا النهج؟ بالطبع لا، لأن ذلك تحول لتحدٍّ دائم وصراع خفي لا طائل منه أحياناً سوى خسائر لصفقات مضروبة وعناصر صارت حبيسة الدكة، لعدم توافر شاغر لها بالمستطيل. لذا وبسبب هذه الممارسات الإدارية و المالية الخاطئة، فقد ظهرت مؤشرات هذه الأزمة المالية على نتائج بعض الأندية وانتكاسها المفاجئ دون مبرر، علاوة على الهمز والغمز من اللاعبين أنفسهم، بالإضافة إلى لجوء بعض المتضررين لتمرير مشكلتهم بطريقة غير مباشرة إلى الوسط الرياضي ووسائل التواصل الاجتماعي، من أجل إثارتها لدى وسائل الإعلام الرسمية التي ستمارس الضغط على الأندية كي تتحرك وتصارح الشارع الرياضي بواقعها المادي المتعسر، حتى تصل الرسالة إلى المسؤولين الذين سيتدخلون كالعادة لحل هذه المشكلة، لكن السؤال هنا إلى متى؟