في العصر الروماني اشتهرت رياضة المجالدين ، وكانت هذه الرياضة عبارةً عن حلبة مستديرة مليئة بالجمهور ، ومنصة خاصة بكبار الشخصيات من أصحاب الجاه والسلطة والمال . يتقابل فيها مجالدان أو أكثر ويكون الموت غالباً المصير المحتوم للمنهزم ، ولكن ورغم ذلك كانت هناك (قوانين شرف) بين المقاتلين يلتزمون بها ، فلا مجال للخيانة والغدر في الحلبة ، أو التبجّح بالنصر والتقليل من الخصم حتى بعد موته ، كانت القوانين تُحترم رغم أن الحياة هي الثمن. هذه الثقافة في التنافس الشريف أخذتها أوروبا قاطبة وجعلتها مدرستها الأولى في بناء كل رياضاتها ، فمن العيب التمثيل في الملعب وإضاعة الوقت وانتقاص المنافس ، ومع الاهتمام بقيمة الإنسان وحقوقه تطورت المنافسة الشريفة حتى مُنع التعصب للونٍ أو عرق . فأصبحت رياضتهم قليلة التعصب والمؤامرات والاحتيال كثيرة المواهب والإثارة والمال. وفي ليلة كأس الملك تم الدعس على كل تلك القيم ، فظهر الفقر الأخلاقي من الزرق وفي مقدمتهم ناصر الشمراني ، الذي انطلق إلى مدرج النصر يردد عبارته التي قال : "أنه لا يقصد بها النصر" ، كان يتبجّح رغم أنه كان كومبارس في الملعب !! وكالعادة كان لنواف العابد بصمته المعتادة ، فقام بلعن أمّ زميله سلمان الفرج ، فقط لأنه يرتدي شال النصر مع شال الهلال !! وظهر الإحساس بالحرمان البطولي على رئيس ولاعبي الهلال ، فبكوا بحرقة من عظيم الفرحة بالكأس ، تلك الكأس التي كانت الأولى في تاريخ أكثرهم !! بينما كان ياسر القحطاني المُسقط من الكشوفات الهلالية ، يلف ويدور خلف الشلهوب يطلب منه شارة الكابتن ليرفع كأس بطولةٍ لم يساهم فيها بأي شيء !! أما جمهور الهلال فقد كانت له كلمة سوء أيضاً ، فقد قام بقذف لاعبي النصر بالعلب الفارغة وهم يسجدون شكراً لله !! وزادوا على السوء سوء ، عندما بدؤوا بكيل سيل كبير من الإساءات للاعبي ورئيس النصر وهم في طريقهم للسلام على الوالد القائد ، لقد كان المنظر مخجلاً في كل ماهو أزرق . وفي الوقت الذي كان فيه الهلاليون يمارسون سقطاتهم كان جمهور النصر يحيي لاعبي الهلال ويقدم لهم التهاني والتبريكات بالبطولة. ما قيمة الكأس إن كان الثمن الكرامة يا هلال ؟ محمد المسمار @al_mismar