الأمير الفارس عبدالله بن فهد موسمٌ فروسي مميز لم يكن ليمضي دون أن تكون لنا وقفة مع قائده الذي استطاع باقتدار أن يعبر به نحو بر الأمان بأقل الخسائر ، محققاً تقدماً كبيراً في محاور لم يكن يظن أحد منّا أنّها قد تكون قابلة للصياغة على أرض الواقع ، بكامل فخامته رئيس الاتحاد السعودي للفروسية صاحب السمو الأمير الفارس عبدالله بن فهد يخُصنا بحوارٍ حصري حول الموسم الفروسي المُنصرم و يكشف لنا عن بعض ملامح الموسم القادم : – استلمت مهام رئاسة الاتحاد قبل بداية الموسم الفروسي المُنصرم بفترة وجيزة جداً بعد أن كنت نائباً لرئيس الاتحاد لمدة ست سنوات تقريباً ، ما مدى تأثير هذه النقلة على أدائك وطبيعة عملك ؟ لا شك بأنّ رئاسة الاتحاد مسؤولية كبيرة و الواقع أنني استلمت مهام رئيس الاتحاد قبل تولي المنصب و ذلك بعد أن قدم صاحب السمو الملكي الأمير نواف بن فيصل بن فهد استقالته منه باعتباري نائباً له ، ليكون منصب رئيس الاتحاد في نهاية المطاف مُناطاً بي و أنا أعي تماماً مدى تأثير هذا المنصب على رياضة عريقة كرياضة الفروسية التي أسأل المولى تعالى أن يوفقنا جميعاً في خدمتها . – مع استلامك لرئاسة الاتحاد ماهي أبرز الأهداف التي وضعتها في أجندتك ، وما نسبة ما تحقق منها ؟ في الواقع لقد توليت رئاسة الاتحاد قبل بداية الموسم الفروسي المُنتهي بفترة وجيزة كما أسلفنا ، إذ كان الاتحاد قد وضع جدولاً زمنياً لأعماله لم يكن من الحكمة تغييره ، بناءً عليه فقد كانت أهم الأهداف التي وضعت متناسبة مع هذه المرحلة الانتقاليه ، وقد كانت الأولوية لدفع جميع المستحقات المالية والجوائز للفرسان و هو أمرٌ تم إنجازه ، ثم إلى إدراج رياضات فروسية جديدة تحت مظلة الاتحاد منها المرثون و التقاط الأوتاد وهو أمرٌ تم إنجازه أيضاً ، بالإضافة إلى عدم الإخلال بخطة الاتحاد للموسم الفروسي و قد وُفقنا بفضل الله تعالى لإنجاز جميع الأهداف ولله الحمد . – العمل على الورق والتطبيق الذهني لا يُعطي بالضرورة نتائج دقيقة على أرض الواقع ، فماهي أكثر المعوّقات التي كانت تعترض الطريق أمام عملك بين الحين والآخر ؟ من الطبيعي أن لا تتطابق الأفكار في صورتها الذهنية والتي تُعتبر صورة مثالية مع الواقع ، و وجود بعض العراقيل أمر وارد ، وهنا تظهر قدرة شخص ما على إدارة الأمور دون غيره ، وعلى الإنسان أن يخطط لأهدافه بشكل سليم و من ثمّ يوازن بينها وبين المعطيات التي يجدها على أرض الواقع و الإمكانيّات التي تتوفر له بالتالي سوف يمكنه أن يتعامل مع أي عقبات تواجهه بشكل سلس يؤدي إلى إيجاد الحلول المناسبة التي تخدم هدفه . – لكل شخص رؤية خاصة به في معايير النجاح التي يعتبرها مناسبة، فما هي معايير النجاح ضمن المؤسسة الفروسية كما تراها و ما المحاور التي تجدها مؤثرة في تطوير العمل الفروسي ؟ أول معايير النجاح هي مخافة الله سبحانه وتعالى و مراقبته في كل عمل نقوم به أو قرار نتخذه ، الأمر الآخر هو التخطيط السليم والمسبق و الذي يخضع لقوانين عمل احترافية بعيدةً كل البعد عن العمل الارتجالي في جو يسوده العدل ، ثم يأتي بعد ذلك و بشكل أساسي شريحة الفرسان الذين هم أساس هذه الرياضة ومحور اهتمام الاتحاد و الذين أشيد بدورهم في انجاح الموسم الفروسي من خلال ما وجدناه منهم من تعاون ، و يبقى المحور الأخير ممثلاً في الإعلام أحد أهم المحاور التي لها دور في ترويج الرياضة مجتمعياً بالإضافة إلى دورها في الإضاءة على الجوانب الإيجابية والسلبية على حدٍ سواء ، لتكون هذه المحاور مجتمعة حلقة مترابطة يكمل كل محورٍ فيها الآخر كما و يعد الإختلال في أي جانب من جوانبها اختلالاً من شأنه التأثير سلباً على جميع الأطراف فيها ، الأمر الذي نسعى جميعنا لتفاديه . – على مكتبك الكثير من المشاريع التي تُعنى بالبنية التحتية للفروسية و التواصل المؤسسي الفروسي ، ماهي أبرز المشاريع التي تشغل ذهنك ومتى ستبدأ بالعمل عليها ؟! أجل لدينا الكثير من المشاريع التي تخدم الفروسية بشكل مباشر لكن يبقى توقيت طرحها محل دراسة لنتوصل إلى طرحٍ مناسب في توقيتٍ مناسب وهو أمرٌ مهم ، كما وأننا بدأنا فعلياً بالعمل على أحد هذه المشاريع لعلّنا نؤجّل الإعلان عن تفاصيله إلى وقتٍ آخر نعد بأن يكون قريباً بعون الله . – رأينا نجاح بعض المنظمين للبطولات في استقطاب الرعاة و لحِظنا تواجد أسماء مهمة ترعى الفروسية ، مما يجعل أمر الرعاية و إن كان صعباً أمر غير مستحيل كما كان يُشاع من قبل بعض المنظمين ، فهل لديكم خطة مستقبلية لتعزيز هذا الأمر ؟ أجل لدينا خطة مدروسة و سوف تُنفّذ بعون الله تعالى خلال الموسم الفروسي القادم تتلخص في تولّي الاتحاد بشكل مباشر تنظيم بطولاتٍ بعينها وفق بيئة عمل تضمن للرعاة احتواءً مناسباً و ضمن خطة عمل احترافية تُعبّر عن تقدير الاتحاد لما يقدمه الراعي . -لمسنا الكثير من الجديّة و الحزم في قرارات الاتحاد هذا الموسم بالمقابل لمسنا الكثير من الالتزام من قبلكم و لعلّ بطولة جدة الخاصة التي ألغاها الاتحاد مؤخراً خير شاهد على هذا الأمر ، فما هي الرسالة التي يُريد الاتحاد إيصالها من خلال ذلك ؟ الحزم أمر ضروري في بعض المواقف خصوصاً عندما يتعلّق الأمر بحقوق الفرسان التي يكفلها لهم اتحاد الفروسية ، و هُنا نؤكّد على أن خطوة الحزم لم تكن أول خطوة في حل الأمور إنما دائماً يسبقها حلول مناسبة يطرحها الاتحاد لإنهاء أي أزمة لكن في نهاية المطاف إن لم يتجاوب الطرف الآخر لن يكون هناك بديلاً عن الحزم الذي يستند للوائح والأنظمة ليكون العدل وحفظ الحقوق تلك الرسالة التي يتبنّاها اتحاد الفروسية . – مثلما لمسنا الحزم لمسنا أيضاً مرونة الاتحاد في بعض المواقف التي شكلت علامة فارقة في طبيعة العلاقة بين المؤسسة الفروسية و المنتمين إليها ، مالمعيار الذي توازنون به بين مكيالي الحزم والمرونة ؟ المرونة أمر أساسي لجعل العمل ينساب بشكل سلس ليصب في مصلحة الفروسية ، أمّا كيف نوازن بين الحزم و المرونة فالأمر يخضع بشكل أساسي للأنظمة ثم معطيات الموقف و بناءً عليه يتم اتخاذ الإجراء الأنسب بعيداً عن التعسّف أو التفريط . – صندوق الفروسية السعودية المسؤول عن المنتخب يواجه منذ مدةٍ ليست بالقصيرة عدة مشكلات انعكست بشكل مباشر على منتخبنا الفروسي ، هل سنرى الاتحاد يتدخّل لحل هذه الأزمة بصفته المرجع الرئيسي لكل ما يتعلّق بالفروسية السعودية ؟ فيما يخص المنتخب فإنّني متفائل جداً بحل الأزمة التي يواجهها ، وقد لمست شخصياً حرص الإخوة في صندوق الفروسية على إيجاد حلول لهذا الأمر ، ونحن نعمل على إيجاد صيغة مناسبة لجميع الأطراف من شأنها إظهار منتخبنا بالصورة التي تليق بالفروسية السعودية . – أنت رجل تؤمن بدور الإعلام ، وصديق للعمل الإعلامي و لقد لمسنا هذا الأمر بشكل مباشر من خلال تواصلك الدائم مع الإعلاميين و تصريحك كلما لزم الأمر بلهجة واضحة و شفافية بعيدة عن أي تعتيم ، و هو أمرٌ يدفعنا للتساؤل : هل سنرى للإعلام مكاناً في المؤسسة الفروسية مستقبلاً ؟ إن الإعلام هو في حقيقة الأمر شريكٌ لنا في المؤسسة الفروسية و أحد أهم صُنّاع النجاح الفروسي باعتباره اللغة التي تتواصل بها المؤسسة الفروسية مع جمهوره كرياضة ، ومع المُجتمع كنسيج يعتبر الفروسية أحد أهم خيوطه ، و إننا كما نحرس على الشفافية و الوضوح مع الإعلام فإننا نعمل أيضاً على تطوير الاستراتيجية الخاصة بالجانب الإعلامي في الاتحاد وهو أمرٌ نعتزم إعلانه مع بداية الموسم الفروسي القادم ، و إننا في المؤسسة الفروسية نُبحث دائماً عن الإعلامي العاشق لهذه الرياضة و المُجيد للغة التي تخدم رسالتها من خلال إيصالها للمتلقي العادي دون تعقيدٍ أو إخلال . -لو أردنا أن نتحدّث عن شخصية الأمير عبدالله بن فهد و التي تجمع بين الهيبة و التواضع و بين الجدّية و الوديّة في آن واحد ، هذا المزيج العبقري لشخصيتك كيف تصفه و مالعامل المؤثر في صناعته ؟ أن يتحدّث المرء عن نفسه هو أمر صعب و لعلّ تقييم المحيطين به قد يكون أصدق ، إلا أنه و بشكل موجز أستطيع أن أقول بأنّني شخص يؤمن بأنّ لكل مقامٍ مقال فإنّ للجديّة لدي وقتها مثلما أنّ للودّية و قتها أيضاً ، فأنا في نهاية المطاف شخصٌ يؤثّر ويتأثّر يكون أصدق ما يكون إذا تصرّف على طبيعته محافظاً على التوازن بين سمات شخصيته الأساسية ، و هنا أذكر شيئاً مما علمني والدي حفظه الله إذ قال لي يوماً : " لا تتخذ قراراً عندما تكون في قمة سعادتك و لا عندما تكون في شدة غضبك " و هو أمرٌ أتبنّاه في شؤوني كلها . – إن الفارس بطبيعة الحال يملك شخصيّة قيادية ليس من السهل إدارتها و مثل هذه الشخصيّات تصعّب الأمر على الإدارات في أي عملّ مؤسسي ، فكيف تنجح في إدارة هذا النوع من الشخصيات القوية و أنت القائدّ لمجموعة من القادة ؟ لا شك بأنّ الفارس هو شخص يملك شخصية قويّة يُدير بها مجريات المنافسة التي يخوضها و هو أمرٌ يضمن انضباطه وإدراكه للمسؤولية وهذا ما وجدناه من فرساننا ولله الحمد ، و كما أنّ للفارس طريقته في الإدارة داخل ميدانه فإنّ لنا طريقتنا أيضاً في إدارة عملنا التي نضبط من خلالها سير المؤسسة الفروسية بجميع المنتمين إليها، ويبقى أنّ الهدف المشترك لكلينا هو النهوض بالفروسية مما يجعل العمل ضمن إطار التكاتف أكثر من كونه تنافس . – الأمير عبدالله بن فهد يعتمد سياسة الباب المفتوح – إذا صح التعبير – إذ أنه دائماً قريب من الجميع و متّسع الصدر لكل من لديه ما يقوله ماذا تنتظر من هذه السياسة ؟! كوني رئيساً للاتحاد أمرٌ لا يجعلني مستغنياً عن الانصات و الأخذ بوجهات النظر ، بل إنه يُحتّم علي أن أكون قريباً من الجميع باحثاً عن رأيٍ صائبٍ أو موضحاً لأمرٍ قد يكون غامضاً ، و أنا أُأكد على أنّ الإنصات هو جزء من عملي و واجبٌ لن أتوانى عنه بمشيئة الله . – بعيداً عن منصبك كرئيسٍ للاتحاد ، ماذا تعني لك الفروسية ؟ الفروسية تعني لي الإلتزام و الأخلاق و الرقي ، رقي النفس و الروح ، فالفروسية كانت قد أصبحت منذ عهدٍ بعيد جزءٌ لا يتجزّأ من حياتي و من يومي ، فأنا في المقام الأوّل فارس يؤمن بأن المناصب لا تدوم و سوف أعود ذات يومٍ فارس أنافس أخوتي الفرسان كما كنت دائماً . – نحن في الوسط الفروسي نُعوّل عليك كثيراً في تطوير الفروسية ، مراهنين على كونك فارس تشكّل الفروسية مكوناً أساسياً في دمك ، أنت على من تُعوّل ؟ إنني بلا شك أُعوّل على كل من ينتسب لهذا المجال فإن نجاح الفروسية لا يعتمد على شخص واحد أو جهة واحدة ، بل إنه قائم على كل من يعمل بصدق سواء على أرض الميدان أو خارجه حتى ولو كان عمله بالكلمة الصادقة ، كما وأنني أعوّل على كل من يرى أنّ من واجبه أن يتحمّل مسؤوليةً تجاه هذه الرياضة بدايةً من الفرسان و الاتحاد السعودي للفروسية بجميع منسوبيه ، و الإعلام الفروسي الناضج و كل من لديه ما يقدمه لخدمتها ، صولاً إلى الجمهور المحب لها . -أخيراً : كيف ترى الموسم الفروسي القادم و بماذا تعد ؟ أرى الموسم القادم إن شاء الله موسم قوي و المنافسة فيه قوية ، وأعطي وعد بأن الاتحاد سوف يقدّم كل إمكانيّاته و يبذل كل ما يستطيع لنجاح هذه الرياضة و نجاح هذا الموسم كما يطمح الجميع ، وهنا أشكر الله تعالى قبل كل شيء ثم أشكر قيادتنا الرشيدة ممثلة في خادم الحرمين الشريفين و سمو ولي العهد و سمو ولي ولي العهد على كل ما قدموه و يقدمونه لنا من دعم و على توجيهاتهم الكريمة لنا عبر قيادتنا الرياضية ، و الشكر لقيادتنا الرياضية ممثلة بالرئاسة العامة لرعاية الشباب التي دائماً تقف إلى جانبنا و تذلل العقبات أمام ما يعترض عملنا ، و نتمنى أن نكون عند حسن ظن كل من وضع ثقته بنا من مسؤولين و فرسان و محبين لهذه الرياضة من خلال تحقيقنا للأهداف وارتقائنا برياضتنا لنراها مثلما كانت دائماً متوجه في أعلى المراكز . شخصيّةٌ عبقرية و سماتٌ قيادية لا تقبل المساوة تلخّصت في شخص سمو رئيس الاتحاد الذي لم يبخل علينا بوقته بل كان كما اعتدنا عليه شخص يؤمن بالوضوح والشفافية بين المسؤول والإعلامي ، نثق به و بقدرته على النهوض بالفروسية السعودية و نتمنى أن يُوفّق في مهمته .