في مقال سابق تحدثت فيه عن الفوبيا التي أصابت الهلال من جراء استعصاء الآسيوية وعدم قدرة الفريق الزعيم على تطويعها في نسختها الأخيرة التي تتيح للفريق المشاركة في العالمية، ولأن أساليب التواصل بين الناس أصبحت سهلة فقد اندمج اللاعبون والمسؤولون في الهلال مع أطروحات الجماهير في الاستراحات والحواري واستفزازات الخصوم التي تحاول التقليل من قيمة الهلال كبطل للقارة الآسيوية وزعيم لها من خلال ترديد أسطوانة أن الهلال لايمكنه أن يصل للعالمية بالحصول على البطولة. والذين يطلقون مثل هذه العبارات والتحديات للتقليل من الهلال هم في الحقيقة يمارسون نوعا من التنفيس الانفعالي تجاه فريق بطل بكل المقاييس، فلم يجدوا على الورد عيبا سوى أن قالوا يا أحمر الخدين، فإذا كانت العالمية صعبة قوية على الهلال فهي على غيره مستحيلة، فالهلال هو أفضل الفرق السعودية تحقيقا للبطولات، وإن لم يحققها فهو منافس قوي عليها، ومن الأولى أن تكون صعبة أو مستحيلة على الفرق الأخرى التي تأتي بعد الهلال الذي يعتبر أفضل الفرق السعودية.. وبالتالي الآسيوية إذا كانت صعبة على الفرق السعودية التي تعتبر الأفضل في القارة.. فماذا ستكون على الفرق الأخرى التي تعتبر في مستواها الأقل؟ إذاً هذا الكلام لا يمكن أن يدخل العقل أو أن يصدق، واستخدام خصوم الهلال هذه الفكرة للتقليل والتحجيم هو أسلوب إسقاطي في محاولة يائسة للنيل منه وتحطيمه والتقليل من إنجازاته والرد على سيل وحجم البطولات التي يحققها الفريق في كل موسم، وقد تجد العذر للجماهيرالأخرى التي تحاول أن تتمسك بأي شيء طالما هناك فرصة، لكن المشكلة ليست في ممارسات هذه الجماهير، ولاحتى في عدم تقبل الجماهير الهلالية لهذه الفكرة، ولكن المصيبة أن ينساق المسؤولون في الإدارة الهلالية لمثل هذه الأفكار الصبيانية، ويتسلل الشعور لدى أفراد الفريق وتتحول لقاءات الفريق في البطولة الآسيوية إلى صراع نفسي وضغط أكثر منه لقاء في كرة القدم، وقد شاهدنا كيفية تعامل الجماهير الهلالية مع لاعبيها في هذه البطولة، والضغط الكبيرالذي يمارسونه على اللاعبين الذين اندمجوا مع هذه الأفكار، وأصبح اللاعب الهلالي يقدم مستويات في الآسيوية تختلف كثيرا عن مستوياته في الدوري المحلي، فيظهر في اللقاءات الآسيوية مرتبكا خائفا متوترا كثير الأخطاء غير قادر على فرض شخصيته، وقد يستغرب البعض المستوى الكبير الذي قدمه الفريق أمام بيروزي الإيراني في اللقاء الأخير في طهران، وسيطرته التامة على مجريات المباراة وخروجه بالفوز بهدف رغم أن النتيجة الطبيعية هي الفوز بنتيجة كبيرة، وهنا يتساءل المتابعون: ما الذي يجعل الهلال في ظل هذه الظروف القاسية والجماهير الكبيرة أن يقدم المستوى العالي.. بينما على أرضه وبين جماهيره لا يقدم المستويات وأحيانا يخسر ببساطة، وقد أجبت على هذا السؤال في مقال سابق حول فوبيا الآسيوية التي أصابت الهلال وتسببت في ضغوطات كبيرة نتج عنها هذه المستويات الغريبة التي لا تعكس واقعه الفني وحضوره المحلي كبطل ثابت، وحينما سافر الفريق إلى طهران لم يكن أحد يلومهم في حالة الخسارة وهم يواجهون الظروف الصعبة والجماهير الكبيرة.. وأي شيء يأتون به من طهران مقبول لدى الجميع وبالذات الجماهير الهلالية المعنية بالموضوع، فتحرر اللاعبون من العقدة النفسية وانزاحت عنهم الضغوطات المؤلمة والمطالبات الجماهيرية بالفوز، فتفجرت طاقات اللاعبين وظهرت مهاراتهم وبرزت مواهبهم وقدموا العطاء الحقيقي فجاء الفوز ومعه المستوى الرفيع، وهنا جاء العلاج النفسي تلقائيا دون أن تبحث عنه الإدارة الهلالية والتي نصحتها بإخراج لاعبي الفريق من الضغوطات وعدم تكرار المطالبات بالفوز بل ترك اللاعبين يقدمون مالديهم من مستوى بطريقة تلقائية.. وعندها سيأتي الفوز وسيحصل الهلال على الآسيوية ببساطة فهو أهل لها، ولن تكون العالمية صعبة قوية كما ذكر زميلنا العزيز عدنان حمد الذي قال هذه العبارة في موقف ليس في محله، فهدف السهلاوي على الشباب في بطولة محلية وليس لهذه العبارة أي مجال أن تقال في هذا التوقيت، لكن وجودها في اللاشعور لديه جعلها تخرج بطريقة لم يكن يرغبها، وأنا شخصيا اعتبرها زلة لسان، لكن الخطأ في الموضوع هو تبني بعض المسؤولين في الهلال فكرة الرد على المعلق والنزول إلى مستوى تفكير المدرجات المتعصبة، فالعالمية لم تصلها الكثير من الأندية، فهل يلزم أن الهلاليين سيردون على أي فكرة من هذا النوع؟ والعتب على الزميل ليس لأنه استقصد الإساءة، فلم نتعود منه ذلك، ولكن هبوط مستوى الطرح في التعليق والانزلاق مع مايردده المتعصبون والمتصيدون، فلو طرح الفكرة بأسلوب آخر يليق به كمعلق يخاطب الملايين لما انتقدناه حتى لو اختلفنا معه، والأجدر بالإنسان أن يتراجع عن الخطأ ويعتذر بدلا من المواجهة بقرون من حديد. عن الرياضية