الكاتب فتحي بن هادي تتوفر في البطل صفات لا تجدها في غيره، تعرفه منها للوهلة الأولى، فتجده الفريق الوحيد الذي لا يهزمه الحظ ولا الظروف التي تقهر غيره، بل تجده يسيرها كيفما شاء، كل ما سبق من صفات البطل توفرت في النصر هذا الموسم، فأبدع وأمتع وتربع بلا هزيمة تذكر، فجاء مقنعاً لكل المشجعين مع اختلاف ميولهم، بغض النظر عن الأخطاء التحكيمية التي هي جزء لا يتجزأ من لعبة كرة القدم، وقد يحاول البعض تجييرها كيفما شاء بلا مبرر مقنع، وهنا لا يسعنا القول إلا أن النصر قد أكتمل عقده هذا الموسم، وتجلى في أبهى صورة لم يظهر بها لعقود مضت. في ليلة غير كل ليلة امتزج صخب حركتها بسكون صمتها، وتخلل بصيص نورها بدياجير دلامسها، وكان حسين وشراحيلي وغالب والعنزي والبحريني محمد حسين وعمر وحتى لا أنسى أحداً فالكل كان نجماً عندما تطلب الموقف. ليلة البارحة ظهر لنا نصراً وليد موسم من الكد والتعب، فشع لنا بدراً بضياه في درة الملاعب أستاد الملك فهد، وبالمقابل كشف الغطاء عن حاجة الهلال لمدرب لا يقل حجماً عنه في الملاعب. الأعمال بخواتيمها والعبرة دائماً ما تكون بالنهايات لا ببداياتها، وليلة البارحة ختم النصر مشواراً بدأه بجهد وكدح لا مثيل له، وكلله بأغلى انتصار على غريمه التقليدي الزعيم، ولكني لا أخاف على النصر إلا من المقبل، فما تبقى من منافسات للنصر يحتاج فيها لسياسة خاصة تختلف اختلافاً كلياً عن ما مضى، فحذاري يا كارينيو أن يقع فريقك في فخ التعالي على الكرة، وفي مبارياتك الأخيرة بنجد أن فريقك غالباً ما يتأخر ومن ثم يعود للمباراة بشق الأنفس، فهل يكون ذلك مؤشر للسقوط؟ سؤال ستجد إجابته في ملفات كارينيو. سياسة التجميع التي اتبعها النصر هذا الموسم عادت عليه بالفائدة، كما عادت بالفائدة أيضاً على مدربه الذي أصبح لديه أكثر من خيار في كل خانة، لدرجة أنه أمتلك أكثر من فريق ليواصل موسمه متألقاً بلا منازع، وبفارق نقطي لا بأس به، فلاعبون الخبرة في نادي النصر معظمهم تخلت عنهم أنديتهم وهم في قمة توهجهم وعطائهم، أمثال حسين عبدالغني ومحمد البيشي، وكامل المر، و الجيزاوي، ونور الذي لم يظهر مستواه الذي عرف به حتى الآن. إذا أنتقلنا من النصر للأهلي تجد الفرق شاسعاً مابين إبداع مدرب وتخبطات آخر، أي نعم نعلم أن بيريرا مدرباً كبير ولكنه ليس بأكبر من البرازيلي كارلوس البرتو الذي أخفق في تدريب منتخبات عديدة أولها المنتخب السعودي، أو الإيطالي كابيلو الذي أخفق أيضاً في الرفع من شأن الكرة الإنجليزية. ليس الأهلي أول نادي لم ينجح بيريرا في تدريبه، بل سبق له ذلك حينما لم ينجح مع نادي سانيونيسي البرتغالي في حصد أي بطولة، أو مع نادي إسبينهو الذي لم يحقق معه أي بطولة ولم يستطع أيضاً الصعود به لمصاف أندية الدرجة الأولى. حسب إحصائيات الأتحاد الأوربي لكرة القدم لا توجد غير بطولتين رسمية في سجل بيريرا كمدرب، أولها حصل عليها في بطولة الدوري البرتغالي حينما حل خلفاً لفيلاس بواش بعدما كان يعمل معه كمساعد مدرب، فقد حصل بيريرا على فريق جاهز كسب به الدوري كما كسب به ثاني رصيده من البطولات وهي بطولة السوبر. أتمنى أن لا يُجير قولي هذا على أنه تحامل على بيريرا بقدر ما هو حب لرؤية الأهلي متوهجاً كسابق عهده، فالأهلي لم يقنع أحداً هذا الموسم، سيما أن بيريرا أتى على فريق جاهز تماماً، بل مؤهلاً لحصد البطولات، فغربل من غربل منهم، وتخلى عن العديد من نجومه حتى أصبح فريقاً لا يرثى له. أفضل ما يعجبني في بيريرا هو حزمه وشدته التي هي مطلب في رياضتنا السعودية بالذات، ولكن ليست الشدة وحدها من تصنع الفارق، بل أن الفكر مقدم عليها، وكما قال المتنبي: الرأي قبل شجاعة الشجعان هي أول وهي المحل الثاني على العموم لم يقنع أحداً بيريرا سوى الذين يتمنون استمرار سقوط الأهلي إلى الهاوية، فهل سنرى الأهلي يعود بعد الكبوة التي يمر بها، أم يستمر الحال على ما هو عليه وعلى المتضرر اللجوء للدعاء.