غاب النصر عن المنصات وغاب كذلك عن دائرة المنافسة فتحول جسد الرياضة إلى ما يشبه المعاق الذي فقد أحد أطرافه. النصر كيان عملاق له من التاريخ والجماهيرية ورقم البطولات ما يمكن الاستناد عليه كتأكيد على أن كرة القدم السعودية تمرض بغيابه كما هي تحيا قوية بحضوره كيف لا ومن يشكل مفردة التميز فريق حاز على العالمية وطال قمتها. سنوات توالت على مسرح المنافسات حضر الهلال والاتحاد والأهلي والشباب فيما النصر في ثنايا تلك السنوات ظل يعاني ويتعثر أمام الخصم الموازي له في القوة وينكسر حتى أمام من هم أقل منه. ليس من اللائق أن نرمي بريشة أقلامنا في سطور الماضي، أقول ليس من اللائق اعتقادا بأن مرحلة اليوم مغايرة فالنصر العالمي بدأ تدريجيا في التقاط أنفاسه عاقدا العزم والعزيمة على أن ينهض من سبات الإخفاق إلى حيث دائرة الأقوياء المؤهلين لتحقيق المنجزات. في بطولة الأبطال تجاوز النصر بطل الدوري مستوى ونتيجة وبرغم أن تلك النتيجة الإيجابية التي خرج بها الفارس من أمام الشباب لم تحسم التأهل إلا أنها في تصوري مقدمة مهمة بل مهمة جدا لفريق يحتاج إلى كباره وإلى جمهوره لكي يكمل المسير ويعود كما كان عليه عملاقا لا يهاب الصعب ولا يلتفت إليه. عودة هذا البطل الغائب إذا ما تحققت فالمستفيد منها أولا وأخيرا كرة القدم السعودية هذه الكرة التي لن ترقى إلى قمتها إلا عندما نجد النصر والهلال والأهلي والاتحاد والشباب والاتفاق حاضرين بقوة المستويات وحاضرين بقوة المواهب والنجوم وحاضرين بالعمل الذي يبني لبنة الاستقرار الاحترافي الأمثل فمن هذه الأندية وقوتها تتشكل قوة المنتخبات والعكس فمن هذه الأندية قد تتشكل لبنة الوهن والضعف والانكسار. لست بذاك النصراوي الذي يحمل عضوية الشرف ولست من ضمن تلك القائمة التي تصنع القرار لكنني قبل هذا وذاك محايد يبحث عن رؤية تنصف هذا الكيان العريق وتنصف نجومه وتنصف إدارته ولهذا فالواجب المهني يجعلني أناشد من خلال سطور هذا المقالة كل النصراويين بضرورة الوقوف مع فريقهم ودعمه ومساندته حتى يستطيع في قادم الأيام الظهور بمظهر البطل وبمظهر ذاك العملاق الذي لاتزال كتب التاريخ تحتفي به وتحتفي بمنجزاته. عموما بالتوفيق لفارس نجد في مرحلته المقبلة وبالتوفيق لإدارته وجمهورة فكم نحن كرياضيين شغوفين بمشاهدة نصر يتخطى كل حواجز الصعب والمستحيل ليصل إلى منصات التتويج. بين الخير والشر علاقة يدرك أبعادها العاقل ويجهلها الجاهل. اللهم اجعلني ممن يدرك الخير ويسلك طريقه. تفقد الرياضة جمالها ورونقها إذا ما سادت في أجوائها العدائية. الرياضة سلوك قبل أن تكون منافسة. والرياضة وعي قبل أن تكون لعبة، فهل نستوعب هكذا ثقافة لنؤسس لمرحلة قادمة يكون شعارها المحبة والإخاء أم أن العكس سيستمر؟ لا أعلم جواباً للسؤال، لكنني كأي رياضي يحلم بميلاد رياضة محلية خالية من الشوائب... وسلامتكم.