دخلت الأزمة السياسية في بلجيكا منحى جديدا وخطيرا إذ تخيم حالة من الضبابية التامة بشكل جدي وغير مسبوق حول مستقبل التعايش الطائفي والطابع الموحد للبلاد. وتواجه بلجيكا أعتى أزمة في تاريخها على الإطلاق وتعمل الأوساط السياسية على مختلف المستويات لاحتواء تداعيات أزمة معلنة قد تكون وخيمة العواقب بالفعل على بلجيكا كدولة موحدة بعد أن وصلت الاتصالات بين القيادات السياسية بشكل صريح إلى طريق مسدود. وطالب الوسيط السياسي البلجيكي يوهان فانديلانوت المكلف من قبل العاهل البلجيكي ألبرت الثاني ببلورة تسوية سياسية للخروج من الأزمة التي تواجه بلجيكا منذ ستة أشهر بإعفائه من مهمته. واشارت الأوساط الإعلامية في بروكسل إلى أن الموقف النهائي للقصر الملكي لن يتحدد سوى يوم الاثنين القادم في وقت أعلنت فيه الأحزاب الفلمنكية إنها لن تستأنف المفاوضات مع الإطراف الفرانكفونية قبل تعديل خطة الوسيط السياسي بشكل جوهري. وقال الوسيط فان ديلاونوت أن السبب الرئيس لطبله الاعفاء من مهمته يعود لغياب الإرادة السياسية الفعلية لمختلف الأطراف المعنية بالمفاوضات بالتوصل إلى حل. وعقدت مختلف الأحزاب الفلمنكية والفرانكفونية اجتماعات طارئة بعد هذا التطور حيث أعلن الحزب الاشتراكي الفرانكفوني وهو القوة السياسية الأولى في جنوب البلاد انه يقترح إشراك الحزب اللبرالي الفرانكفوني في إدارة الأزمة وهو الحزب الذي تم استبعاده حتى الآن من المداولات التي استمرت ستة أشهر دون تحقيق أية نتائج. وقال اليو ديروبو زعيم الاشتراكيين الفرانكفونيين انه يأمل في توسيع قاعدة التعامل الفرانكفوني لتشمل جميع المكونات السياسية وذلك في مناورة واضحة منه لعزل القوميين الفلمنكيين على الصعيد الاتحادي. ولكن زعيم الحزب القومي الفلمنكي بارت ديوفر أعلن مجددا بشكل صريح أنه لن يعود إلى مائدة التفاوض دون إعادة النظر في جزء كبير من مقترحات الوسيط السياسي وانه بات يعتبر أن مهمة فانديلاونت قد انتهت عمليا. وأعلن الحزب الديمقراطي المسيحي الفلمنكي (سي دي ان في) من جهته أنه يريد هو الآخر الاتفاق على عناصر تغيير مذكرة الوسيط السياسي بشكل محدد ومفصل قبل العود لمائدة التفاوض. ويأتي ذلك في وقت تجري فيه العديد من التجاذبات داخل الطبقة السياسية البلجيكية حاليا بشأن تطورات الوضع. ولكن المحلل السياسي البلجيكي وأستاذ العلوم السياسية بجامعة بروكسل الحرة باسكال ديويت أعرب عن اعتقاده اليوم بأن مجمل الأحزاب السياسية تعاني من انقسامات عميقة ولا تعرف بشكل محدد مطالبها الفعلية. // انتهى //