بعد أسبوعين من إعادة تكليفه برئاسة الحكومة البلجيكية وبشكل مؤقت أعلن رئيس الوزراء البلجيكي غي فورهفستاد انه قام بتقديم ورقة عمل مفصلة الى العاهل البلجيكي ألبرت الثاني وتتضمن مقترحات محددة للخروج من الأزمة المؤسساتية غير المسبوقة التي تواجهها البلاد ومنذ إنتخابات العاشر من يونيو من العام الماضي. ومرت بلجيكا حتى يوم 21 ديسمبر الماضي بازمة سياسية حادة أستمرت مائة وأربع وتسعين يوما بدون حكومة بسبب الخلافات الطائفية والعرقية بين الطائفتين الفلمنكية والفرانكفونية وهما مكونتا البلاد الرئيسيتان. وقالت وسائل الإعلام البلجيكية ان اللبرالي الفلمنكي غي فورهفستاد عرض على الملك البلجيكي صيغة مخرج عملي للازمة المؤسساتية القائمة وهي صيغة تتضمن مقترحات محددة قوامها نقل عدد من صلاحيات الدولة الاتحادية الى المقاطعات من جهة وتعزيز نفوذ الحكومة المركزية في بعض الحالات المحددة من جهة أخرى. ويطال الفلمنكيون في شمال بلجيكا حاليا بالحصول على مزيد من النفوذ على طريق الحكم الذاتي وهو ما يعتبره الجانب الفرانكفوني سعيا في الواقع نحو الاستقلال. وتتفاوت ردود افعل الطبقة السياسية البلجيكية على العرض المقدم من رئيس الوزراء الحالي والذي تنتهي مهمته رسميا ونهائيا يوم 23 مارس المقبل. وأجمعت مختلف الأطراف الفرانكفونية في ردود أفعالها المسجلة خلال الساعات الماضية على رفض الطرح المقدم من قبل رئيس الوزراء ولكن الأوساط الفلمنكية رحبت في جزء منها بهذه المبادرة فيما اعتبرها القوميون والمتشددون الفلمنكيون إستمرارا في التنازل للشروط الفرانكفونية. وتستعد مختلف الأحزاب البلجيكية حاليا للاجتماع للبت بشكل رسمي في المقترحات الجديدة والتي تنص على نقل صلاحيات سوق العمل والضرائب ونظام الضرائب وقطاع النقل وشؤون الطاقة وبعض الشؤون الإدارية للمقاطعات مع الابقاء على التنسيق في مجال الضمان الاجتماعي الحيوي على الصعيد الاتحادي وعل ملفت التجارة الخارجية والدبلوماسية والدفاع والأمن. وجاء تقديم رئيس الوزراء البلجيكي لخطته الإصلاحية الجديدة في نفس اليوم الذي كان فيه الزعيم الفلمنكي الاجتماعي المسيحي ايف ليترم و صاحب الأغلبية في مقاطعة الفلاندر الشمالية يخطط لعرض مقترحات إصلاح مؤسساتي موازية وتخيم العديد من الشكوك في قدرة الطبقة السياسية البلجيكية حاليا على تجاوز التناقضات التي أتسمت بها الحياة السياسية خلال الفترة القلية الماضية . واذا ما رفض الفرانكفونيون تحديدا وكما هو متوقع لمحاولة الحلحلة المؤسساتية المعلنة حاليا فان بلجيكا سيتعود حتما الى دائرة المشادات الطائفية ولكن بشكل خطير. وسوف تتسبب اية نكسة سياسية متوقعة في تصدع ليس على مستوى الدولة الاتحادية هذه المرة ولكن ايضا على مستوى المقاطعات بسبب المنافسة السياسية بين الأحزاب لكسب أصوات الناخبين قبل عام واحد من الانتخابات الإقليمية والمحلية والأوروبية وما يرافقها من مزايدات سياسية تقليدية. وتتابع الأوساط الأوروبية والأطلسية عن كثب مجمل التطورات داخل بلجيكا التي تحتضن مؤسسات التكتل الأوروبي والناتو. ويسود الاعتقاد ان مهلة الشهرين المتبقية أمام رئيس الحكومة الحالي غي فورهفستاد تبدو محدودة خاصة عل ضوء هامش تحركه الضيق وحتى المنعدم بالنسبة للملفات الاجتماعية والاقتصادية العالقة. // انتهى // 1227 ت م