تخيم أجواء الحرب الباردة الفعلية بين موسكو والغرب بشكل تدريجي ولكنه أكيد. واخفق الجانبان الروسي والأطلسي وخلال سلسلة من الاجتماعات جرت طوال يوم أمس في مقر الناتو في بروكسل في بلورة أي آفاق لحدوث إنفراج فعلي بين الطرفين حول المسائل الحيوية التي تهم شؤون الأمن الاوروبي من جهة وبعض القضايا الدولية الساخنة من جهة أخرى . وتصدى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الذي التقى بالأمين العام لحلف شمال الأطلسي ياب يهوب سخفير وبوزراء خارجية المنظومة العسكرية الغربية الست والعشرين بقوة الى مجمل خطط وموقف الناتو سواء تجاه التعامل مع إشكالية تحديد الوضعية النهاية لإقليم كوسوفو المتنازع عليه بين الصرب والألبان اوبشان مستقل توسيع الحلف على دول جديدة متاخمة لروسيا او مشروع الولاياتالمتحدة بنصب درع للصواريخ قبالة الحدود الروسية..كما تمحورت الخلافات حول المعاينة المشتركة الروية الأوروبية للملف النووي الإيراني ولم يجد الطرفان اية أرضية اومقاربة فعلية موحدة . وفي مبادرة غير مسبوقة ومنذ الاتفاقية التأسيسية للعلاقات الروسية الأطلسية اصدر حلف شمال الأطلسي بيانا وقعه كافة وزراء الناتو اقر فيه الحلف بشكل رسمي بفشل سياسة التقارب المعلنة حتى الآن بينه وبين روسيا. وأشار البين بشكل صريح الى ان ما يسمى بالشراكة بين روسيا والحلف قد دخلت مرحلة حرجة. ويعكس هذا الإقرار الأطلسي المصاعب المتنامية بين الطرفين الروسي والغربي في ادارة العلاقات بينهما. وكان الحلف يعول على تفاهم روسي ولو محدود لحلحلة ملف وضعية إقليم كوسوفو والذي بات يمثل اختبارا دقيقا لمصداقية كل من التكتل الأوروبي والحلف الأطلسي وينذر بتسجيل انقسامات حادة داخل الصفوف الأوروبية وهو العنصر الحاسم الذي تراهن عليه روسيا في تعاملها مع الغرب. وتعارض اليونان وقبرص وسلوفاكيا واسبانيا بشكل رسمي أي توجه لاستقلال كوسوفو والمتوقع إعلانه في غضون فترة قصيرة. وأضطر الحلف الأطلسي الذي قرر الإبقاء على عناصره المنتشرة داخل الإقليم الى توجيه تحذير واضح للاستقلاليين الألبان من مغبة التسرع في إتخاذ أية خطوات من جانب واحد. وتقول روسيا التي تمتلك هامش تحرك داخل مجلس الأمن إن أي دعم أطلسي لاستقلال كوسوفو سيقلب معادلة التعامل داخل الأممالمتحدة بالنسبة لعدد من المسائل الدولية. وقال المتحدث الرسمي باسم حلف شمال الأطلسي جيمس اباتوهاري في تصريح لوكالة الأنباء السعودية في بروكسل انه توجد العديد من عناصر التلاقي والتفاهم بين روسيا والحلف في الفترة الحالية وخاصة في مجال تنسيق التحركات في أفغانستان او مراقبة الأنشطة الإرهابية وبما في ذلك في منطقة المتوسط وتفتيش السفن العابرة له. ولكنه أضاف ان الحلف يقر بتصاعد هوة الخلافات مع موسكو في ملفات محددة وأهمها مستقبل كوسوفو ودرع الصواريخ وتوسيع الناتو . ويخطط الحلف الى تبني مشروع توسيع طموح له العام المقبل خلال قمة بوخارست لتشمل دولا جديدة متاخمة لروسيا في منطقة البلقان وعلى حدوده الغربية مثل جمهورية مقدونيا وكرواتيا وألبانيا وجورجيا. وتعارض السلطات الروسية هذا التوجه وتعتبره استمرارا أطلسيا في محاصرتها . ولا تبدو في الآفاق حاليا أية فرص لتقريب وجهات النظر الروسية الأطلسية لا بشان توسيع الناتو ولا بشان درع الصواريخ في القارة او معاهدة الحد من الأسلحة التقليدية. ويتجه الناتو تدريجا إلى القبول بمعادلة جديدة في علاقته مع روسيا تنهي فترة التحالف النسبي المسجل عقب هجمات 11 سبتمبر لتفتح فترة صدام متصاعد حول إمدادات الطاقة من جهة وبشان هندسة الأمن داخل القارة الأوروبية من جهة أخرى أي العودة بشكل أو بآخر إلى مناخ من الحرب الباردة الفعلية بين موسكو والغرب وتداعياتها المدمرة على سباق جديد نحو التسلح. // انتهى // 1345 ت م