يقع " مسجد العبَاسة " في حي النسيم على امتداد شارع الملك فيصل بن عبدالعزيز، غربي مدينة أبوعريش أحد أشهر المساجد التاريخية بمنطقة جازان، وفي محافظة أبوعريش تحديدًا، والذي بناه الشريف أبوطالب عام 1262ه. وتعود الحقبة الزمنية لبناء المسجد الذي يبلغ مساحته وقتها 60 مترًا مربعًا تقريبًا، والتي عاشها أهالي الحي الغربي في أبوعريش نحو 182 عامًا، حيث يحوي بناءً معماريًا يمتاز بالمهارة والإتقان، فالجدران سميكة يتجاوز عرضها المتر الواحد، مبنيّة من الجص والآجر، فيما يضم في وسطه أعمدة مقوسة تحمل القبب الثلاث التي تُكوّن سقف المسجد، كما يبلغ محيط كل قبة من السطح 16 مترًا و35 سم، وقطرها 5 أمتار و 20 سم . ويتوسط مقدمة المسجد محراب صغير داخل الجدار السميك، يزيد عرضه عن المتر الواحد قليلًا، وزيّن البناؤون القدماء المحراب بزخرفات تظهر فيها أشكالًا للورود، فيما علا المحراب نقشّ للآية الكريمة .. " إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ " وخُتمت بحمد لله وتدوين تاريخ بناء المسجد . كما تبدو هندسة البناء من خلال فتحات التهوية التي تعلو الجهتين الشرقية والغربية ، إلى جانب النوافذ ، والزوايا المثلثة الشكل في أركان المسجد ، فضلًا أن الأرفف الثمانية التي بُنيت خصيصًا لحمل المصاحف والمخطوطات قديمًا، وهي عبارة عن تجويفات داخل جدار المسجد من الجهات الثلاث الشرقية والغربية والجنوبية " غير اتجاه القبلة " وبمقاسات وارتفاعات متباينة وبرأس مقوس . وسمي مسجد العبَاسة بذلك نسبة إلى المؤذنين والأئمة الذين تعاهدوا المسجد منذ سنوات طويلة وهم من أسرة " عباس " في أبوعريش. وشهد المسجد عبر تاريخه الطويل دروسًا علمية أشهرها للشيخ عبدالله القرعاوي، إبان دعوته ومساهمته في نشر العلم بمنطقة جازان، حيث عزز ذلك مكانة المسجد منارة للعلم، وتمت إضافة توسعة بالمسجد توسعة من الجهة الجنوبية مع زيادة أعداد المصلين ، فأصبحت مساحته الإجمالية نحو 565 مترًا مربعًا ، ويسع 200 مصلّ ، فيما وفّر فرع وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد الائمة والمؤذنين للمسجد ، مما أسهم في استمرار دوره دارًا للعبادة والعلم . وينتظر مسجد العبَاسة دوره التطويري، حيث تم إدراجه في المرحلة الثانية لمشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية، الذي يأتي انطلاقًا من المكانة العظيمة للمساجد التاريخية في الدين الإسلامي، والتأكيد على أهميتها وعمقها الديني والتاريخي والثقافي والاجتماعي والمعماري الذي تتميز به، والحفاظ على الخصائص التاريخية للمساجد، وإعادة إعمارها وتأهيلها، واستعادة هويتها التراثية بجميع تفاصيلها وإعادة تأهيلها وتوظيفها للعبادة .