تقرير : تيسير العلي. تصوير : أحمد الشمري. يقف خلف ارتفاع مؤشر الاستثمار في زيت الزيتون بالجوف العديد من المميزات التي تحفز المزارع الصغير قبل الشركات العملاقة، ويلخص هذه المميزات من واقع التجربة المزارع والمنتج خالد الخليفة الذي يمتلك مزرعة تحتضن 11 ألف شجرة زيتون بقوله :" الزيتون من أفضل البدائل الزراعية للاستثمار من حيث قلة التكلفة بالنسبة لزراعتها وريها وقليل من العناية بها كالتقليم والتسميد بفضل ما تتمتع به المنطقة من مقومات زراعية تنعكس على جودة المنتج ". وبين الخليفة أن قلة الاحتياج للأيدي العاملة في إنتاج زيت الزيتون تأتي في مقدمة المميزات فمن يزرع بالطريقة التقليدية لا يحتاج إلى العمالة إلا وقت القطاف بينما من يزرع بالطريقة الحديثة المكثفة فيحتاج لحاصدة نهاية الموسم، مشيراً إلى أن عوائد الاستثمار من إنتاج الزيت تتراوح ما بين 30% إلى 35% من تكلفته. وعن تجربته أوضح أنه بدأ زراعة الزيتون قبل 30 عاماً وفي السنوات الماضية توسع نشاطه نظراً لجودة زيت الجوف وحجم الإقبال عليه ، إلى جانب تنوع أساليب التسويق من خلال المهرجانات والتسويق الإلكتروني حيث يتراوح سعر 16 لتراً من زيت الجوف ما بين 600 إلى 800 ريال حسب جودة المنتج، لافتاً النظر إلى أن المزارع يفضل الاستثمار في إنتاج الزيت عن غيره من الزيتون المخلل لأسباب تعود إلى التكلفة التشغيلية . وتتعدد أوجه الاستثمار في شجرة الزيتون بحسب عضو هيئة التدريس بجامعة الجوف الدكتور بسام العويش فإلى جانب إنتاج زيت الزيتون هناك منتجات الزيتون المخلل ، وورق الزيتون، والصابون وشامبو الشعر، والفحم , والحطب ، والعلف الحيواني، إذ تشكل عائداً اقتصادياً يفوق 50% من تكلفة الإنتاج ، مقدراً عائد الاستثمار في زيتون الجوف بمبلغ يفوق 400 مليون ريال سنوياً . وقال العويش:" إن إنتاج زيت الزيتون بمنطقة الجوف للعام الحالي ارتفع إلى 18 ألف طن ما يسهم في تغطية نصف الاستهلاك المحلي في المملكة ". وأضاف في حديث خاص لوكالة الأنباء السعودية أن توجه المستثمرين في زراعة وإنتاج زيت الزيتون وتراكم خبرة المزارعين في رفع جودة الزيت أسهمت في ارتفاع الإنتاج لهذا العام ، متوقعاً زيادة مساحة الاستثمار خلال الأعوام القادمة لما تحقق من عوائد اقتصادية مجدية لا سيما مع التوسع في صناعات الزيتون وزيت الزيتون وظهور شركات التسويق والتطبيقات المساعدة ، مؤكدا أن المنطقة لازالت تتسع لمضاعفة الاستثمار بالزيتون بنسبة 100%. وتأتي زراعة الزيتون في الجوف واحدة من أنجح المشروعات الزراعية في العالم، ويبلغ عدد أشجار الزيتون في الجوف حسب فرع وزارة البيئة والمياه والزراعة أكثر من 17 مليون شجرة من 30 نوعاً، تحتضنها 6300 مزرعة ، كما يبلغ عدد المعاصر في الجوف 32 معصرة ، إلى جانب ستة مشاريع كبرى . وحسب العويش توجه المزارعين والشركات لاستبدال الكثير من الزراعات بالزيتون بعد ثبوت جدواها الاقتصادية ، كذلك استخدام طريقة الزراعة المكثفة التي أحدثت فارقاً عن سابقها التقليدية حيث يصل عدد الأشجار في الهكتار الواحد إلى 200 شجرة بينما في المكثفة ل 1600 شجرة ، ويكفيها 6 آلاف متر مكعب من الماء، وهي من أكثر الغروس التي تتحمل الجفاف ونسبة الملوحة، وتسقى عن طريق الري بالتنقيط في حين أن الأبحاث الدراسات العلمية الزراعية تؤكد أن أشجار الزيتون أقل استهلاكاً للمياه مقارنة بغيرها . وأفاد أن زراعة أشجار الزيتون خيار إستراتيجي يتماشى مع مستهدفات رؤية المملكة 2030 نحو تحقيق الاكتفاء الغذائي ورافد اقتصادي وطني محفز على الاستثمار ، فضلاً عن أثرها البيئي في زيادة الغطاء النباتي وتحسين المناخ ومقاومة التصحر. وتفوقت الجوف على العديد من دول العالم في إنتاج زيت الزيتون ومن ذلك حصول شركة الجوف الزراعية على شهادة جينيس للأرقام القياسية في حجم المساحة، والإنتاج، وتسجيلها كأكبر مزرعة زيتون حديثة بالعالم للعام الثاني على التوالي. وأسهمت جودة " زيت الجوف " في رواجه وأصبح المطلب الأول لدى المستهلكين في المملكة، وتتميز بإنتاجها العضوي الخالي من الكيماويات والمواد الحافظة. وشهدت صناعة الزيتون بالجوف تطوراً ملحوظاً فإلى جانب إنتاج الزيت ، ثمار الزيتون والمخللات ، ومنتجات العناية الشخصية ، وشاي ورق الزيتون ، ومن مخلفاتها العلف الحيواني. كما تشهد منطقة الجوف تكاملاً بين قطاعاتها بإشراف وتوجيهات من صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن نواف بن عبدالعزيز أمير منطقة الجوف في خدمة زراعة الزيتون والإستثمار فيه, حيث خصصت أمانة الجوف مختبراً إقليمياً لفحص زيت الزيتون والزيتون المكبوس، حيث يتم إجراء الفحوصات المخبرية للزيت للتأكد من نسب الحموضة والتزنخ والغش والأحماض الدهنية والمعادن الثقيلة والرطوبة والتذوق، بالإضافة لأربعة اختبارات على عينات الزيتون المكبوس تشمل المظهر والقوام والفحص المجهري ووجود حشرات وفطريات وخمائر، وذلك وفق المواصفات القياسية السعودية والمعايير الدولية المعتمدة باستخدام احدث الأجهزة المخبرية التي يعمل عليها مختصين بالمختبر من ذوي الخبرة، ليتم بعدها وضع الملصق الخاص " مجاز ". كما قامت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية بدعم العديد من المشاريع الريادية للتسويق لزيت الزيتون ويأتي أبرزها " تطبيق عصرة " وتقوم فكرته على جمع أغلب المزارع المنتجة للزيتون في منطقة الجوف تحت مظلة واحدة وتقديم منتج موثوق وبسعر منافس حيث يهدف لتسويق زيت وزيتون الجوف داخل المملكة وخارجها ويقدم لشركائه خدمات احترافية ذات موثوقية عالية، ويمد المملكة ودول الخليج بمختلف منتجات زيتون الجوف .