يمثّل العيد مناسبة إسلامية تفرح بها قلوب المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها على اختلاف ألوانهم وأعراقهم بعد أن أتمّوا صيام شهر رمضان, يتفق الجميع على لبس الجديد، ويبتهجون بمقدمه, وتتوحّد فيه القلوب فرحاً بالعيد الذي يمثّل فرصة لتصفية النفوس وتزكيتها من شوائب الدنيا واختلافاتها. وتتشابه إلى حدٍ كبير مظاهر الاحتفال بعيد الفطر المبارك بين جميع مناطق المملكة بارتداء اللباس الجديد، وتبادل الزيارات بعد صلاة العيد بين الأهل والأصدقاء والجيران, وإعداد أصناف الأطعمة والحلويات, وتقديم الهدايا والحلوى والأموال للأطفال، واصطحابهم إلى المتنزهات والملاهي لقضاء وقت للعب خلال أيام عيد الفطر التي تمتدّ لأربعة أيام. وبعد انقضاء مشاهد الازدحام في الأسواق طوال الأيام الأخيرة من رمضان إلى ما قبل صلاة العيد, يعيش الجميع فرحة قدوم العيد بارتداء الملابس الجديدة عند الذهاب إلى صلاة العيد, فيرتدي الرجال الثوب والشماغ والملابس الرسمية, وترتدي النساء العباءات، ويتباهى الصبية بالزيّ السعودي, وتزهو الفتيات الصغيرات بأجمل الفساتين، وتخرج الأسر لزيارة الأقارب أو التجمّع في منزل كبير العائلة, في حين تزدحم المطاعم والمتنزهات خلال ليالي العيد, فيما تَعدُّ بعضُ العائلات العيدَ فرصة لتجديد أثاث المنزل, واستكمال ما ينقص من لوازم الضيافة, وتجهيز الحلويات ومن أهمها صحن الشوكولاتة الذي يتوسّط مجلس الضيوف بجوار دلة القهوة والتمر, ويقدّم للمعيّدين صبيحة يوم العيد. وتتباين التقاليد بين منطقة وأخرى في تقديم "فطرة العيد" ففي المدينةالمنورة كما في كل المناطق تستيقظ العائلة مبكراً لارتداء الملابس الجديدة, وأداء صلاة العيد في المصلى أو الجامع, وبعضهم يتوجه إلى المسجد النبوي, وجرت العادة أن تجتمع الأسرة لتناول الإفطار في بيت كبير العائلة, وتناول "فطرة العيد" التي تتفاوت بين عائلة وأخرى، حيث يستلذّ بعضها بالحلوى الطحينية والهريسة الحمراء واللدّو في صباح يوم العيد, ولا يعدّ هذا الإفطار سائداً بين جميع الأسر حيث تقدّم بعض الأسر أطباق خبز الدقيق الممزوج بالسمن البلدي، ويفضّل آخرون الأرز باللحم وغيرها من أصناف الأطعمة. واندثرت الكثير من العادات المجتمعية القديمة المرتبطة ب "فطرة العيد" نسبياً، وتوقفت بعضها احترازياً بسبب جائحة كورونا, ففي منطقة نجد على سبيل المثال كانت بعض الأسر تقدّم "فطرة العيد" في مسجد الحي, إذ تعدّ النسوة أصنافاً متنوعة من الأطعمة من أبرزها الأرز باللحم, والجريش, والمرقوق, والمطازيز, فيحمل الرجال صحون الطعام إلى مسجد الحي أو ساحة عامة تتوسّط البيوت ليتشاركوا طعام الإفطار مع الجيران وزائري الحي من المواطنين والمقيمين, لكن هذه المشاهد تقتصر اليوم غالباً على الأهل والأقارب والجيران في اجتماعهم صبيحة يوم العيد. وتتفرد كل منطقة بأصناف من الأطعمة الخاصة بها، ففي المنطقة الشرقية تتألف "فطرة العيد" غالباً من وجبات الأرز باللحم، ويقدّم معها القرص العقيلي والشعيرية في عادات وتقاليد متعارف عليها, وتُصنع في البيوت بعد صلاة العيد مباشرة, وأحياناً توفّرها المطاعم وبعض الأسر المنتجة, فيما تتميّز فطرة العيد في المنطقة الجنوبية بوجبات ذات مذاق وطابع تقليدي خاص تشمل العصيدة والمبثوث والعريكة بالسمن والعسل وغيرها من الوجبات التي تقدّم للمعيّدين غالباً في أطباقٍ وأوانٍ من الفخار مع القهوة والشاي.