سلكت قوافل حجاج بيت الله منذ أن فرض الله الحج على المسلمين ، دروبًا وسبلاً عدة ، ملبية وميممة وجهتها لبيت الله العتيق ، تهفو قلوبهم لأداء الركن الخامس من أركان الإسلام ، فسارت الجماعات والأفراد بتعدد أجناسها من كل فج عميق . وعلى امتداد طرق الحج القديمة شهد الناس منافع لهم في تجارتهم ونقلت ثقافات ومعارف ، وأثرت في النسق الاجتماعية للتجمعات الواقعة على تلك الدروب ، فكانت جسورًا للتواصل بين الأمصار الإٍسلامية . وتيرة الحركة خلال القرون الماضية كانت عامرة على تلك الدروب ، ولم يقتصر استخدامها لغرض الحج بل يسلكها الركبان على مدار العام لبلوغ جهة ما ، وتعبرها في قضاء حوائجها وشؤونها . وتعددت طرق الحج ومن أشهرها طرق الحاج العراقي والشامي والمصري واليماني والعماني . وقد أولى الخلفاء والسلاطين المسلمين عنايتهم بطرق الحج ، ودليل ذلك ظهور وظيفة أمير الحج الذي يقوم برعاية الحجاج , وإقامة المحطات على الطرق ، وتحديد المسافات بين المحطات . ففي عهد الخليفة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ( 13 - 23 ه / 634 - 644 م ) بذلت عناية خاصة بالطريق ما بين المدينةالمنورةومكةالمكرمة , فاهتم بإنشاء الاستراحات والنزل في المدينةالمنورة , ليتمكن الحجاج والمارة من النزول بها خلال سفرهم . // يتبع // 10:48ت م
حج / طرق الحجاج .. دروب وسبل عدة وجهتها بيت الله العتيق / إضافة أولى وحفظت المصادر التاريخية سبعة طرق رئيسية كانت تأتي من أنحاء الدولة الإسلامية إلى مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة ، وهي طريق الكوفة / مكةالمكرمة , ويعد هذا الطريق من أهم طرق الحج والتجارة خلال العصر الإسلامي , واشتهر باسم " درب زبيدة " نسبة إلى السيدة زبيدة زوجة الخليفة هارون الرشيد التي أسهمت في عمارته فخلد ذكرها على مر العصور . واستخدم الطريق بعد فتح العراق وانتشار الإسلام في المشرق , وأخذ في الازدهار منذ عصر الخلافة الراشدة , وأصبح استخدامه منتظماً وميسوراً بدرجة كبيرة , إذ تحولت مراكز المياه وأماكن الرعي والتعدين الواقعة عليه إلى محطات رئيسية . وفي العصر العباسي , أصبح الطريق حلقة اتصال مهمة بين بغداد والحرمين الشريفين وبقية أنحاء الجزيرة العربية , وأهتم الخلفاء العباسيون بهذا الطريق وزودوه بالمنافع والمرافق المتعددة , كبناء أحواض المياه وحفر الآبار وإنشاء البرك وإقامة المنارات , كما عملوا على توسيع الطريق حتى يكون صالحاً للاستخدام من قبل الحجاج والمسافرين ودوابهم . وذكرت المصادر التاريخية والجغرافية أن مسار الطريق خطط بطريقة عملية وهندسية فريدة ،حيث أقيمت على امتداده المحطات والاستراحات , ورصفت أرضيته بالحجارة في المناطق الرملية والموحلة , فضلاً عن تزويده بالمنافع والمرافق اللازمة من آبار وبرك وسدود . كما أقيمت عليه علامات ومواقد توضح مساره ليهتدي بها المسافرون فمنذ بداية الدولة العباسية , أمر الخليفة أبو العباس السفاح بإقامة الأميال " أحجار المسافة " والأعلام على طول الطريق من الكوفة إلى مكةالمكرمة , في عام 134ه / 751 م . ومن بعده أمر الخليفة أبو جعفر المنصور بإقامة الحصون وخزانات المياه على طول الطريق , على حين آخر أمر الخليفة المهدي ببناء القصور في طريق مكةالمكرمة , كما أمر أيضاً الخليفة هارون الرشيد بحفر الآبار وإنشاء الحصون على طول الطريق , وقد عين الخلفاء ولاة يشرفون على الطريق ويتعهدونه بالصيانة . // يتبع // 10:48ت م
حج / طرق الحجاج .. دروب وسبل عدة وجهتها بيت الله العتيق / إضافة ثانية ويبلغ عدد المحطات الرئيسة في هذا الطريق سبعاً وعشرين محطة , ومثلها محطات ثانوية تسمى كل منها " متعشى " , وهي استراحة تقام بين كل محطتين رئيسيتين , إلى جانب مسارات فرعية أخرى منها طريق معدن النقرة / المدينة, ويبلغ طوله ( 265 ) كيلو مترا , وأهم محطاته العسيلة , المحدث , بطن نخل , الحصيلك , المكحولين , السقرة , الطرق , الركابية , المدينة، هذا ويلتقي طريق البصرة مع طريق الكوفة في معدن النقرة . وازدهر طريق الكوفة / مكةالمكرمة في العصر العباسي الأول , وبعد انقضاء عصر الخلفاء الأقوياء تعرض الطريق لهجمات القبائل والقرى المحلية الثائرة , ففي أواخر القرن الثالث الهجري وبداية القرن الرابع تعرضت بعض محطات الطريق للتخريب والتدمير , مثل محطة الربذة , ونجم عن ذلك اندثار معالم الطريق وتوقف الحجاج عن استخدامه إلا في حالات توافر الحماية . وبعد سقوط بغداد على أيدي المغول عام 656ه / 1258 م تعطل الطريق واندثرت معظم محطاته وأصبحت مجرد أطلال . وأوضحت الدراسات الأثرية أن المنشآت المعمارية على طريق الكوفة - مكة تمثل نمطاً معمارياً فريداً للعمارة الإسلامية , لتميزها بدقة التصميم وجودة التنفيذ , فقد بنيت قصور الطريق وحاناته بجدران سميكة وزودت بالمرافق والخدمات , كما بنيت البرك بأشكال مستطيلة ومربعة ودائرية , وتدل عمارة البرك على مدى براعة المسلمين في إقامة المنشآت المائية . // يتبع // 10:49ت م
حج / طرق الحجاج .. دروب وسبل عدة وجهتها بيت الله العتيق / إضافة ثالثة أما طريق البصرة / مكةالمكرمة ، فيعد الطريق الثاني في الأهمية , حيث يبدأ من مدينة البصرة مرورا بشمال شرق الجزيرة العربية عبر وادي الباطن مخترقاً عدة مناطق صحراوية أصعبها صحراء الدهناء , ثم يمر بمنطقة القصيم التي تكثر فيها المياه العذبة والوديان الخصبة والعيون , وبعدها يسير الطريق محاذياً لطريق الكوفة - مكةالمكرمة حتى يلتقيان عند محطة أم خرمان " أوطاس " التي تقع على مسافة عشرة أميال من موقع ذات عرق . ويلتقي طريق البصرة بالطريق الرئيسي الممتد من الكوفة عند منطقة معدن النقرة التي يتفرع منها طريق يتجه إلى المدينة . ويبلغ طول الطريق حوالي 1200 كيلو متر , وعلى امتداده توجد سبع وعشرون محطة رئيسية , منها أربع محطات تقع حالياً ضمن حدود الأراضي العراقية والكويتية , وهي المنجاشية ، الحفير , الرحيل , الشجي , أما باقي محطات الطريق فتقع في أراضي المملكة العربية السعودية , وأولها الرقيعي ومنها يتجه الطريق نحو الجنوب الغربي , مروراً بالأجزاء الشمالية الشرقية للمملكة حتى يصل إلى ضرية , ويمر بعدة قرى ومنازل للمياه منها جديلة فالدفينة ثم يمر بقبا ومران حتى يصل إلى أم خرمان " أوطاس " شمال شرق مكةالمكرمة . وتعد فترة القرن الأول الهجري إلى القرن الثالث الفترة الذهبية لهذا الطريق , حيث شهد الطريق خلال القرن الأول عناية من ولاة البصرة الأمويين , وبخاصة الحجاج بن يوسف الثقفي , الذي سلك هذا الطريق إلى مكة , وفحص المياه في المحطات التي مر عليها على طول الطريق ليعرف مدى جودتها . وزاد الاهتمام بالطريق حيث سلكه عدد من الخلفاء في رحلتهم إلى الحج مثل أبي جعفر المنصور وهارون الرشيد , غير أن الطريق دخل منذ نهاية العصر العباسي الأول (132-232ه ) مرحلة الإهمال . ولم يبقى من آثار الطريق إلا بعض الآبار والسدود والقصور المهملة , وتوجد آثار مهمة للطريق في منطقة القصيم , ففي الأسياح توجد أطلال قصر كبير مبني بالحجارة له بقايا عقود نصف دائرية , وبالقرب منه آثار العيون والقنوات القديمة والبرك والسدود وفي ضرية لا تزال آثار البلدة القديمة باقية . ويلاحظ أن بعض محطات الطريق استمر فيها الاستيطان الحضاري أو بالقرب منها بسبب توافر المياه والمناطق الرعوية,كما أن بعض المحطات اختفت معالمها تحت الكثبان الرملية . ومن المحطات المهمة على طريق البصرة بركة الخرابة الواقعة عند التقاء الطريق مع طريق الكوفة بالقرب من أم خرمان وذات عرق , وهي عبارة عن بركة دائرية لها مصفاة مستطيلة تصل إليها المياه بواسطة قناة أرضية مسقوفة تمتد من وادي العقيق . // يتبع // 10:49ت م
حج / طرق الحجاج .. دروب وسبل عدة وجهتها بيت الله العتيق / إضافة رابعة والطريق الثالث طريق الحج المصري ، ويسلكه حجاج مصر ومن رافقهم من حجاج المغرب والأندلس وإفريقيا في طريقهم إلى مكةالمكرمة متجهين إلى شبه جزيرة سيناء للوصول إلى أيلة " العقبة " وهي أول محطة في الطريق ، وبعد أيلة تمر قوافل الحجاج على حقل , ثم الشرف ,ثم مدين " مغائر شعيب - البدع " . وكان لحجاج مصر طريقان بعد رحلتهم من مدين أحدهما داخلي , والآخر ساحلي . ويتجه الطريق الداخلي إلى الجنوب الشرقي ماراً بشغب ثم بدا , ثم منطقة وادي القرى إذ يلتقي في السقيا " الخشيبة " بطريق الحج الشامي ليسير معه إلى المدينةالمنورة . أما الطريق الساحلي فيمر على محطات عدة بعد مدين , منها : عينونا ,ثم النبك " المويلح " ثم ضباء , ثم العويند , ثم الوجه , الحوراء , ثم " مغيرة - نبط ", ثم ينبع , ثم الجار ومنها إلى مكةالمكرمة مروراً بالجحفة , ثم خليص , ثم عسفان , أو إلى المدينةالمنورة مروراً ببدر , ويعد الطريق الداخلي هو الأكثر استخداما خلال القرون الثلاثة الهجرية الأولى , ثم زاد استخدام الطريق الساحلي بعد ذلك التاريخ . // يتبع // 10:49ت م
حج / طرق الحجاج .. دروب وسبل عدة وجهتها بيت الله العتيق / إضافة خامسة واستمر سفر الحجاج على الطريق الساحلي حتى منتصف القرن الخامس الهجري ,ثم تحولوا إلى السفر بحراً عبر طريق عيذاب بسبب الأحداث التي شهدتها مصر في العصر الفاطمي , وما نتج عنها من عجز الفاطميين عن دفع نفقات الطريق , ثم بسبب احتلال الصليبيين لأيلة, وهي أهم محطة على الطريق , ومعبره الوحيد إلى الجزيرة العربية . وتوقف الطريق قرابة قرنين من الزمان تركت آثار سيئة على عمارته. وفي عهد السلطان المملوكي الظاهر بيبرس عادت حركة الحجاج إلى الطريق البري الساحلي , ابتداء من حج عام 667 ه . وطوال العصرين المملوكي والعثماني كانت قوافل حجاج مصر ومن رافقهم تتجمع في بركة الحاج القريبة من القاهرة , ثم تسير على درب السويس , وتمر على البويب , ثم عجرود ثم تعبر شبة جزيرة سيناء وتتجة إلى خليج العقبة و تمر على عدة منازل أهمها المنصرف ، ونخل ، وبئر القريص ، وعرقوب البغلة ، وسطح العقبة ، ثم تهبط نقب العقبة فتصل إلى عقبة أيلة . وترحل بعدها من عقبة أيلة متجهة إلى حقل والشرف ثم تصل إلى مغائر شعيب ، وتسير باتجاه الجنوب الغربي حتى تصل إلى عينونة ، ثم تمر على عدد من المنازل أهمها المصلى " شرمة " ، و تريم ، والنبك " المويلح " ووادي الغال " وادي القسطل " وضباء ، والأزنم وبركة عنتر وقلعة الوجه و بين النهدين ووادي العرجاء ، وبركة أكرا ، وبئر القروي ، والحوراء ، ونبط ، ووادي النار ، والوعرات السبع ، والدهناء ، وواسط ثم تصل إلى بدر . ومن بدر ترحل إلى رابغ ثم خليص ثم عسفان لتصل إلى مكةالمكرمة ، بعد أن تكون قضت شهراً كاملا على الطريق بين القاهرةومكةالمكرمة . وظل الطريق البري الساحلي في خدمة قوافل الحجاج المصريين حتى عام 1310 ه ، وبعد هذا التاريخ عاد الحجاج المصريون مرة أخرى إلى السفر بحرا من السويس إلى جدة على ظهر السفن البخارية و الشراعية . // يتبع // 10:49ت م
حج / طرق الحجاج .. دروب وسبل عدة وجهتها بيت الله العتيق / إضافة سادسة وحظي طريق الحج المصري باهتمام الحكام المسلمين في الفترة الإسلامية المبكرة ، حيث أقاموا عليه البرك وحفروا الآبار ، ومهدوا العقبات الصعبة ، وبنوا المساجد في بعض محطاته , فقد نظف خمارويه بن أحمد بن طولون عقبة أيلة من الحجارة . وأقيمت سبعة آبار في ضباء لخدمة الحجاج ، وصفها العذري الأندلسي في بداية القرن الخامس الهجري , كما بنيت مساجد ببدر على أيدي ملوك مصر ، كما أقيمت بركة وقناة بخليص . ووجدت مئات النقوش العربية على هذا الطريق ونقشها الحجاج على صخور في محطاته و على طول مساره تذكارا لمرورهم , وتوجد أيضاً آثار معمارية ترجع لتلك الفترة بعضها على مسار الطريق الداخلي مثل بركة النابع الواقعة جنوب مدينة ضباء , وبركة بدا ، وآبار بلاطة ، وبعضها الآخر على المسار الساحلي مثل بركة مدين ، وبركة الجار ، هذا فضلا عن المدن التي كانت عامرة على الطريق مثل مدين ، وعينونا ، والعونيد ، والحوراء ، والجار، والجحفة ، وشغب ، وبدا . وأما آثار العصور الإسلامية المتأخرة الباقية على طريق المصري فيذكر منها بركة البدع " مغائر شعيب " ويعود تاريخ إنشائها إلى العصر المملوكي ، وآثار المويلح التيلا تشمل بئرين من العصر المملوكي ، وقلعة الأزنم التي أنشئت في عهد السلطان المملوكي محمد بن قلاوون ، وجددت في عصر السلطان قانصوه الغوري ، إلى جانب برك عنتر التي يرجع تاريخها إلى العصر العثماني ، وقلعة الزريب بالوجه التي أنشئت سنة 1026 ه في العصر السلطان العثماني أحمد الأول ، وبركة أكرا وآبار نبط ، وسبيل بدر وبركتها ، وجميعها آثار أنشئت في العصر المملوكي ، وجددت ووسعت عدة مرات خلال العصر العثماني . // يتبع // 10:49ت م
حج / طرق الحجاج .. دروب وسبل عدة وجهتها بيت الله العتيق / إضافة سابعة وطريق الحج الرابع هو طريق " الحج الشامي " ويربط بلاد الشام بالأماكن المقدسة في مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة ، وعرف باسم التبوكية نسبة إلى بلدة تبوك التي يمر عليها . ويبدأ مساره من دمشق ويمر ببصرى الشام " درعا " ، وبمنازل أخرى أهمها أذرعات ، ومعان والمدورة " سرغ " ثم يدخل أراضي المملكة ليمر على حالة عمار ، ثم ذات الحاج بتبوك ، ثم الأقرع ، ثم الأخضر الذي تقع فيه محطة المحدثة ، ثم محطة المعظم ، ثم الحجر ، ثم العلا ثم قرح . ولم يتغير مسار الطريق بين تبوك والعلا طوال العصور الإسلامية ، إلا أن بعض محطات هذا الجزء حملت أكثر من اسم , أما جزء الطريق الواقع بين العلا والمدينة فقد كان له مساران مسار قديم استخدم إلى القرن السادس الهجري ، ومسار آخر استخدم بعد القرن السادس الهجري , ففي القرون الأولى كان مسار الطريق يتجه إلى المدينة مرورًا بالرحبة ، ثم بذي المروة ، وبعدها بذي مر ، ثم بالسويداء ، ثم بذي خشب , أما المسار المتأخر فيمر بعد العلا على قلعة الفقير " مغيرة " ، ثم على سهل المطران ، ثم بقلعة زمرد ، ثم بالبئر الجديدة ، ثم هدية ، ثم إسطبل عنتر ، ثم الفحلتين ، ثم آبار نصيف ، ثم الحفيرة . واهتم الخلفاء الراشدون والأمويون بعمارة الطريق الشامي فوضعوا العلامات والمنارات على طول مساره ، وبنوا البرك والصهاريج والقنوات ففي العهد الأموي جددت عمارة مسجدي الرسول بتبوك وبوادي القرى وهما من مساجد الطريق , كما أمر الخليفة الوليد بن عبدالملك بوضع المنارات على الطرقات ، وحفر البرك والآبار بين دمشقومكة ، ومثله فعل هشام بن عبدالملك. // يتبع // 10:49ت م
حج / طرق الحجاج .. دروب وسبل عدة وجهتها بيت الله العتيق / إضافة ثامنة وخلال العصر العباسي ازدهرت مدن الطريق ومحطاته ، وبخاصة الواقعة في منطقة وادي القرى مثل العلا وقرح والرحبة والسقيا , وسجلت المسوحات الأثرية وجود برك مياه وبقايا قنوات في مواقع هذه المدن ، كما وجدت على الطريق نقوش كوفية تذكارية تركها المسافرون على الطريق . وفي بداية القرن السادس الهجري شهد الطريق الشامي فترة حرجة في تاريخه بسبب وجود الصليبين في بلاد الشام ، فقد كان الصليبيون يهددون أمن الطريق ويهاجمون قوافل الحجاج التي تسلكه من قلاعهم في الكرك و الشوبك واستمرت ممارساتهم إلى أن سقطت قلعة الكرك في يد صلاح الدين سنة 584 ه / 1188 م . وبوصول الأيوبيين عاد النشاط والاستقرار إلى الطريق ، ونال اهتمامًا كبيرًا من ملوك دمشق الأيوبيين , ويعد الملك عيسى بن أيوب أكثر حكام دمشق اهتمامًا بالطريق وكان والده ضم عليه الكرك والشوبك وتبوك والعلا ، فسار على طريق تبوك وأمر ببناء بركة المعظم و برك أخرى ، كما أمر بمسح الطريق بين دمشق و عرفات وتسهيل مواضع كانت وعرة . وخلال العصر المملوكي نال الطريق اهتماما متزايدا من حكام دمشق وزادت أعداد سالكيه من الحجيج ، وقدر ابن رشيد قافلة الحج الشامية التي سار معها سنة 674 ه / 1286 م بستين ألف راحلة دون الخيل و البغال و الحمير , وتوجد على الطريق نقوش من العصر المملوكي تشير إلى ترميم بعض منشآته . // يتبع // 10:49ت م
حج / طرق الحجاج .. دروب وسبل عدة وجهتها بيت الله العتيق / إضافة تاسعة وطرق ( الحاج اليمني ) من طرق الحج التي ربطت بين اليمن والحجاز منذ العصور القديمة ، لذا فقد تعددت طرق الحج اليمنية واختلفت مساراتها ، وتعددت كذلك المدن التي تسير منها ، ولعل أهم العواصم اليمنية التي كانت تنطلق منها جموع الحجاج اليمنيين إلى مكة هي عدن ، وتعز و صنعاء وزبيد وصعدة في شمال اليمن . وكانت بعض مسارات تلك الطرق يلتقي بعضها ببعض في نقاط معينة ، مثل طريق تعز زبيد وطريق صنعاء الداخلي إلى صعدة . وكان حجاج اليمن يسلكون ثلاثة طرق هي الطريق الساحلي والطريق الداخلي أو الأوسط ، والطريق الأعلى ، ولكل منها مساراته ومحطاته ، ومتاعبه التي عانى منها الحجاج قرونا طويلة , فالطريق الساحلي يمر بجوار البحر محاذياً له من الشرق ، ويبدأ من عدن فأبين مرورا بالمخنق ، فإلى عارة ، ثم عبرة ، فالسقيا ،فباب المندب ، فسماري ، ثم الخوخة والأهواب ، وغلافقة ، وهي فرضة زبيدة ، ثم نبعة ، فالحردة، ثم الزرعة ، ثم الشرجة . ويسير الطريق من الشرجة إلى المفجر ، فإلى القنيدرة ، ثم عثر ، ثم بيض ، ثم الدويمة ، ثم حمضة ، ثم ذهبان ، ثم حلين ثم قرما ، فدوقة ، إلى السرين وهي ملتقى طريق الساحل مع طريق الداخل ، ومنها يفترقان أيضا كل في جهته ، حيث يسير الساحلي صوب الليث فالشعيبة إلى جدة ومنها إلى مكةالمكرمة . // يتبع // 10:49ت م
حج / طرق الحجاج .. دروب وسبل عدة وجهتها بيت الله العتيق / إضافة عاشرة أما الطريق الداخلي فهو تهامي أيضا ويعرف باسم الجادة السلطانية ويبدأ من تعز ، ويمر بذات الخيف ، فموزع ، ثم الجدون ، ثم حيس ، ثم زبيد ، إذ تتجمع فيها القوافل التي تسلك طريق الجادة السلطانية ، ومنها تنطلق في سيرها إلى مكةالمكرمة مارة بفشال والضنجاع ، والقحمة ، والكدراء والمهجم ، ومور، والواديين ، والساعد ، وتعشر ، وجازان ، والهجر ، وبيش ، إلى ضنكان ، ومنها يتجه الطريق إلى المقعد فحلي العليا ثم يبه ثم قنونا ثم عشم ثم دوقة فإلى السرين حيث يلتقي بالطريق الساحلي . و منها يفترق في مساره الداخلي إلى الليث ، فالخضراء ، ثم سعيا ، فيلملم ميقات أهل اليمن حتى مكةالمكرمة . أما الطريق الأعلى ، فيعرف باسم الطريق الجبلي ، ومركز انطلاقه صنعاء ويتجه الطريق إلى صعدة ، ومنها إلى العرقة ، ثم المهجرة ، ثم أرينب ، ثم سروم الغيض ، ثم الثجة ، ثم بيشة ومنها إلى تبالة ، فالقريحاء ثم كرى ، ثم تربة ، ثم الصفن ، ثم العنق ، ثم رأس المناقب ، وهي منتهى الطريق في اتجاه الشمال ، وينحرف في سيره صوب الغرب إلى قرن المنازل ، وهو ميقات أهل اليمن الذين يمرون من تلك الجهة ، ويتجهون محرمين صوب مكة مجتازين الزيمه ، والطائف عن طريق السيل . ومن أهم الطرق التي كانت مفضلة لدى الحجاج بيت الله الحرام القادمين من طريق اليمن الطريق الذي يمر بشمال اليمن و يخترق منطقة عسير الجبلية إلى أن يصل إلى الطائف ثم إلى مكةالمكرمة , وعلى الرغم من أن الطريق يجتاز مناطق ذات طبيعة تضاريسية صعبة ، إلا أنه كان مفضلا للحجاج وغيرهم لأنه يمر عبر أراض خصبة دائمة الخضرة وقرى و بلدات تتوافر فيها المياه و يكثر بها الغذاء . // يتبع // 10:49ت م
حج / طرق الحجاج .. دروب وسبل عدة وجهتها بيت الله العتيق / الإضافة الحادية عشر أما طريقا الحج العماني ، التي يسلكها حجاج عُمان إلى المشاعر ، فأحدهما يتجه من عمان إلى يبرين , ثم إلى البحرين , ومنها إلى اليمامة , ثم إلى ضريه . وتشير المصادر الجغرافية إلى أن ضريه كانت ملتقى حجاج البصرة والبحرين , حيث يفترقون بعدها إذا انصرفوا من الحج , فيتجه حجاج البصرة شمالاً وحجاج البحرين باتجاه اليمين , كما كان بإمكان القوافل القادمة من عُمان اجتياز منطقة الأحساء لتلتقي بطريق اليمامة مكةالمكرمة . وهناك طريق آخر لحجاج عمان يتجه إلى فرق , ثم عوكلان , ثم إلى ساحل هباه , وبعدها إلى شحر , ثم تتابع القوافل سيرها على أحد الطرق اليمنية الرئيسة المؤدية إلى مكة , حيث يمكنهم أن يسلكوا أحد الطريقين طريق الحج الساحلي الموازي للبحر الأحمر , الذي يمر بمخلاف عك والحردة ومخلاف حكم , وعثر ومرسى ضنكان , والسرين حتى الشعيبة , ثم جدةفمكةالمكرمة , أو الطريق الداخلي من اليمن إلى مكة مروراً بعدد من المنازل بعضها لازال معروفاً حتى اليوم مثل رنية وتربة . // يتبع // 10:49ت م
حج / طرق الحجاج .. دروب وسبل عدة وجهتها بيت الله العتيق / الإضافة الثانية عشر واخيرة ويعد طريق حج البحرين - اليمامة - مكةالمكرمة رافداً مهماً من روافد طريق حج البصرة , لما له من أهمية ، إذ أنه يعبر الأجزاء الوسطى من الجزيرة العربية , ماراً بالعديد من بلدانها وأقاليمها , ويربط بين الحجاز والعراق مركز الخلافة العباسية ، وقد حظي حجاج هذا الطريق برعاية الدولة الإسلامية وخصوصاً في توفير الخدمات المهمة , وحماية الحجاج السائرين عليه من أي اعتداء يقع عليهم من قطاع الطرق . وأشار الجغرافيون المسلمون الأوائل إلى التقاء طريق اليمامة مع طريق حج البصرة ،إذ لليمامة طريقان إلى مكةالمكرمة, طريق من القريتين , وطريق على مرات وبعد التقاء طريق البحرين بطريق البصرة في ضرية , يمر الطريق عبر محطات جديلة , وفلجة , والدفينة , وقبا , ومران , ووجرة , وأوطاس , وذات عرق ، والبستان , حتى يصل إلى مكةالمكرمة .