أوصى عضو هيئة التدريس في المعهد العالي للقضاء بجامعة الإمام محمد بن سعود فضيلة الشيخ الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز آل الشيخ، المسلمين بتقوى الله . وأكد أن على المؤمن أن يستدل بكتاب الله جل وعلا وسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، لتجاوز المحن والفتن التي يعيشها العالم الإسلامي في هذا الزمان، مقسماً الفتن إلى قسمين أحدهما فتن الشبهات، والأخرى فتن الشهوات، ومبيناً أن لكل فتنة مسببات وأساليب لمواجهتها. وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها بجامع الإمام تركي بن عبدالله بالرياض : في هذه الأيام يمر عالمنا الإسلامي بفتن ومحن يشعلها أعداء الإسلام، هو الإشعال من أجل الإشغال، إشغال الأمة بحروب طائفية وفتن مذهبة ونزاعات داخلية فحينما تأتي الفتنة فلا بد للمؤمن من علامات يسير بها ونجوم يهتدي بها، ومن ذلك قولة سبحانة وتعالى / وأتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة وأعلموا أن الله شديد العقاب/ ويقول عليه الصلاة والسلام / سوف تكون فتن القاعد خير من القائم والقائم خير من الماشي والماشي خير من الساعي ومن استشرفها استشرفتة ومن وجد منزعاً او معاذاً تعوذ. وأضاف " الفتن نوعان كما ذكر أبن القيم وهي فتن الشبهات وفتن الشهوات وقد تجتمعان في عبد وقد ينفرد كل منهم بفتنة، ومنشأ فتنة الشبهات هي ضعف اليقين وقلة العلم، إنتهى كلامة رحمة الله، ومنشأ كل فتنة هي تقديم الرأي على الشرع وتقديم الهوى على العقل، وتدفع فتنة الشبهات بالعلم واليقين والصبر، يقول تعالى / وجعلنا منهم آئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بأياتنا يوقنون/ أيها المؤمنون لا يعرف الواقع من لا يعرف التاريخ، فنبينا محمد صلى الله عليه وسلم دعوتة كانت للجميع وكذلك في عهد خلفائة الراشدين فنشروا الإسلام شرقاً وغرباً وبنوا حضارة ومجداً، أما أعدائهم فقد فشلوا في المعارك والقتال ضدهم، ولكنهم أرادوا أن ينجحوا في النزاعات الداخلية، والتاريخ حافل بجراح لا زالت تنزف دماً الى الآن، ومع تقلب الحال وتغير الأيام لا زال الأعداء يحاولون خلق الفتن ويوهمون العامة بأن الفريق الآخر هو الذي أحدث ذلك، وإذا أردت أن تعرف المتسبب فأعرف من المستفيد، ومن أعظم الفتن الطرح الهزيم بل المنهزم الذي يشيع أصحابه أن المنهج الذي عليه هذه الدولة هو سبب هذه الفتن، ويتطاولون على نظامها الذي هو سر بقائها، ويتعامون عن الأسباب الحقيقية التي أدت الى وجود الفتن. وتابع يقول "إن هذه الدولة قامت في مراحلها الثلاث على الشريعة والدستور، فلم ينقل عن حكامها أنهم ألزموا طائفة معينة بمذهب على خلاف مواطنيها، وعلى هذا النهج حكم الملك عبدالعزيز رحمه الله هذه الدولة خمسين عاماً بقوته وقوة دولتة وكذلك أبنائه الملوك من بعده، فلم ينقل عنهم أنهم ألزموا بمذهب معين بل أن الألوف يفدون الى هذه الدولة ولم يجبروا على مذهب معين، ومما أغاض أعداء هذه الدولة أن هذا التمايز ظنوا انه سينفجر فقد جربوه في بلاد مجاورة فنجحوا فأرادوا تجربتة في شرق البلاد ففشلوا وأرادوا شق الصف فخابوا فرد الله كيدهم في نحرهم، وكفى الله المؤمنين شرهم . وبين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تركنا على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها لا يزيغ عنها الا هالك، وضع لنا منهجاً نتعامل من خلالة مع الفتن فالإعتصام بالكتاب والسنة هما صمام أمان هذه الأمة، وأعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا، والأخذ من العلماء الربانين فيجب احترامهم وإنزالهم منزلة تليق بهم فالله رفع من شأنهم والذين اوتوا من العلم درجات، وقال إنما يخشى الله من عباده العلماء، ويقول سبحانة وتعالى وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف اذاعوا به ولو ردوه الى الله والرسول وأولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم، ولزوم جماعة المسلمين فإن في لزوم جماعة المسلمين الخير والسعادة وأن في تركها الضلالة والغواية يقول صلى الله عليه وسلم : من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية . وأفاد أن أعظم ما يملك المرء في هذه الدنيا هو دينة ، يقول عليه الصلاة والسلام / يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرَ مَالِ الْمُسْلِمِ غَنَمٌ يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الْجِبَالِ وَمَوَاقِعَ الْقَطْرِ يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنْ الْفِتَن/، والواجب الفرار الى الله من هذه الفتن، ويقول ابن القيم بقدر عبوديتك الى الله يكون كفاية الله لك، فكلما زادت عبوديتك الى الله ازداد كفاية الله لك، والأعمال الصالحة تقي من الفتن يقول عليه الصلاة والسلام بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلمة يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافراً يبيع دينة بعرض من الدنيا. ودعا فضيلته الله سبحانة وتعالى ان يقي المسلمين شر الفتن، لقول النبي صلى الله عليه وسلم / اللهم إني أعوذ بك من الفتن ما ظهر منها وما بطن/، وقال "من العلامات التي يجب أن يسير عليها المسلم الرجوع الى المحكمات ومعرفة المآلات، ومعرفة حرمة الدماء ومعرفة المصارع والمفاتن، يقول الله عزوجل في كتابة العزيز / يا أيها الذين أمنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه الى الله والرسول/، ففي زمن الفتن تكثر الإشاعات ويختلط الصدق بالكذب خصوصاً مع قوة الإعلام من فضائيات ومطبوعات ومواقع وشبكات، لذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم / كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع، ويقول عمر ابن الخطاب رضي الله عنه اتقوا الفتن فإن اللسان فيها أشد ضراوة من السيف، وأعلم أن إناس لا يتورعون عن الولوغ في أعراض المسلمين ويسنون ألسنتهم واقلامهم للطعن في الصالحين ويلبسون على عامة المسلمين، ألم يقرئوا قولة تعالى/ إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهم ولهم عذاب الحريق/، وأشار فضيلته إلى أنه في خضم هذه الفتن وما يحدث في مواقع التواصل الإجتماعي الذي لا يعرف كاتبها ولا يعرف مقصودة، فحينئذ يغيب سلطان العدل ويكثر المرج فلا بد من التثبت، يقول الله سبحانه وتعالى / يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين/، ويقول بعض السلف إن الفتنة إذا وقعت ارتفعت العقول، ويقال الفتنة إذا اقبلت عميت وإذا أدبرت ظهرت، الصبر هو عدة المؤمن ، يقول صلى الله عليه وسلم : / إن من ورائكم أيام الصبر القادم فيهن كالقابض على الجمر/، فلا بد للمسلم من أحداث تعيدة إلى ربه من بعد ما ضل وإني أرى بشائر النصر في الأفق تلوح وأسباب التمكين تبدو وتروح وإن بعد العسر يسرا، واللهم اني اعوذ بك من الفتن ما ظهر منها وما بطن.