يدخل كل بطولة وهو مرشح فوق العادة لحصد لقبها، ولكنه يواصل الإخفاق مرة تلو الأخرى ويخذله لاعبوه باستمرار، حتى تم اتهامهم بقلة «الولاء» لوطنهم، تلك هي قصة المنتخب الإنجليزي في كل مشاركاته، جميع المعطيات تدل على قدرته في المنافسة ورفع الكأس عاليا، إلا أن الخروج من الباب الضيق غالبا ما يكون مصيره. وعلى الرغم من كون الإنجليز هم مهد كرة القدم، إلا أن مشوار منتخبهم الأول في المحافل الدولية متواضع، بتحقيقه لقب بطولة كأس العالم مرة واحدة في عام 1966، وبفضل مساعدات عدة بداية من عاملي الأرض والجمهور، وانتهاء بالهدف الوحيد الذي سجل في المباراة النهائية وتم احتسابه على الرغم من أن الكرة لم تتجاوز خط المرمى. ولا يوجد سبب بارز في تواضع نتائج الإنجليز في المحافل الدولية، عدا قلة ولاء الكثير من اللاعبين لمنتخب بلادهم، حيث يفضلون التركيز وتقديم جل طاقاتهم مع أنديتهم المحلية. يقول قائد الدفاع جون تيري إن جسمه يقشعر عند سماعه النشيد الوطني، ويشاركه ذات الأمر المهاجم واين روني، ولكن الحالة تختلف مع نجوم عدة، حيث اعترف جيمي كاراجير بأن تمثيل إنجلترا يعد أمرا ثانويا بالنسبة إليه ولا شيء يعادل اللعب في صفوف فريق ليفربول، بينما أبدى بول سكولز سعادته منذ الاعتزال الدولي، لأنه على حد تعبيره عرف الراحة منذ تركه لتمثيل منتخب بلاده الذي «صنعه الإعلام». وبخلاف كاراجير وسكولز اللذين لم يجدا حرجا في التعبير عن عدم اكتراثهما بحال المنتخب، فإن ثنائي خط الوسط ستيفن جيرارد وفرانك لامبارد لا يقدمان مع «الأسود الثلاثة» نصف مستوياتهما مع فرقهما، ويفتقدان للقتالية على الكرة، وهما أقرب من أن يكونا لاعبي أندية، وهو الأمر الذي تراه فيهما الجماهير الإنجليزية. ويعاني المنتخب الإنجليزي مشكلة أزلية في مركز حراسة المرمى، الذي لعب دورا بارزا في إقصائه من بطولة كأس العالم 2002 على يد البرازيل، بعدما سجل رونالدينيو هدفا من كرة ثابتة كانت بالقرب من خط المنتصف، وأيضا سبّبت أخطاء سكوت كارسون الكارثية أكبر فشل في تاريخ الإنجليز بعدم التأهل إلى نهائيات كأس أمم أوروبا الأخيرة، بعد أن سجل الكروات ثلاثة أهداف، اثنان منهما جاءا بسبب تواضع مستوى حارس المرمى. ولا تزال تلك العقدة متواجدة لدى الإنجليز، حيث يعد الثلاثي ديفيد جيمس وروبرت جرين وجو هارت، هم ثلاثي الحراسة في قائمة المدرب فابيو كابيللو ولكل منهم أخطاؤه، ولو أن هارت يعد الأفضل بينهم نظرا إلى اختياره ضمن أفضل 11 لاعبا في الدوري الإنجليزي الموسم الماضي متفوقا على عمالقة في حراسة المرمى مثل بيتر تشيك وفان دير سار. ورغم تخلي الاتحاد الإنجليزي عن قناعاته وتعيين مدرب من خارج بريطانيا بعدما تعاقد مع السويدي زفين جوران إريكسون قبل مونديال 2002، إلا أن طريق البطولات لا تزال الكرة الإنجليزية تضل طريقه. ويعد الإيطالي كابيللو الأمل الأخير ربما للجيل الحالي للمنتخب الذي سمي ب «الذهبي» على الرغم من أن الجيل الذي سبقه سمي بهذا الاسم ولم يحقق ما هو مطلوب منه. ويلعب الإعلام البريطاني بصورة عامة دورا سلبيا مع المنتخب، حيث يدعي مساندته له، ولكنه لا يتردد في نشر الفضيحة تلو الأخرى عن اللاعبين حتى الملفقة منها، وفي أوقات حساسة أيضا مثلما حدث مع بيكام في 2002، وإريكسون في 2006، وقبل أشهر مع جون تيري. ويتوقع أن يكون المونديال الإفريقي هو الأخير لعدد من اللاعبين يأتي في مقدمتهم فرانك لامبارد وريو فيردناند اللذان سيكونان في ال 35 عند بدء كأس العالم 2014 في البرازيل، وفي ذلك العام ستكون الركائز الأساسية أيضا في آخر منعطف في مسيرتها، ولهذا فإن خروج الإنجليز دون تحقيق الحلم المنشود منذ 44 عاما، يشكل صدمة كبيرة لدى الشارع الرياضي الإنجليزي الذي ربما يكف عن تفاؤله اللامحدود بمنتخب بلاده ويقتنع بأن الإنجليز أبعد من اعتلاء قمة المجد الكروي .