القرآن الكريم هو حبل الله المتين والذكر الحكيم والصراط المستقيم، من عمل به أُجر، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم، ولا يشبع منه العلماء ولا تلتبس به الألسن ولا تزيغ به الأهواء، ومن تركه واتبع غير سبيل المؤمنين ولاه الله ما تولى وأصلاه جهنم وساءت مصيرا. براعم الغد ودعاة المستقبل وأئمة المساجد المنتظرون، يتحلقون كل مساء في حلقات الذكر وحلقات حفظ القرآن الكريم، لا يشغلهم لعب أو لهو عن حفظ كتاب الله عز وجل، فهم في سياحة روحية وذكر مستمر تعمر به قلوبهم. شجعان عارف العصيمي «عشرة أعوام» يدرس بالصف الخامس الابتدائي، ويحفظ من كتاب الله 12 جزءا: «بدأت أحفظ كتاب الله قبل عدة أعوام، وذلك بمساعدة وتشجيع من والدي ووالدتي، حفظهما الله، وأحفظ خمس آيات، ثم أسمعها لمعلمي في تحفيظ القرآن بالمسجد، أو لوالدي، فأدعو الله عز وجل أن أتم حفظ القرآن الكريم كاملا، وأن أصبح أحد أئمة المسجد الحرام في المستقبل». أما عبدالرحمن سعد الشمري «12 عاما» فيحفظ من كتاب الله 14 جزءا، وله طموحه أيضا، وبرنامجه في المستقبل: «أحفظ نصف سورة بصفة يومية، ثم أراجع ما حفظته كل يوم لكي يرسخ في ذهني، فأنا أطمح لأن أكون داعية في المستقبل بإذن الله»، ويضيف: «لي في حلقة تحفيظ القرآن الكريم ثلاثة أعوام، ومن خلال التجربة والمقارنة تبين لي أن التحفيظ والحفظ يزيدان من قدرة الاستيعاب والفهم، زد على ذلك النظرة المشرفة التي ينظر بها المجتمع بكل مؤسساته وفئاته، خاصة المجتمع المدرسي، إلى طالب التحفيظ». تفوق دراسي ويحفظ محمد حاتم الشريف «13 عاما» 15 جزءا من القرآن الكريم: «في بداية الأمر كنت أحفظ في المنزل على يد والدي وأستمع إلى عدد من المقرئين، وبعد ذلك التحقت بإحدى حلقات التحفيظ»، متمنيا أن يصل إلى مراتب عليا في حفظ كتاب الله: «الحمد لله أن حفظي للقرآن الكريم عمل على تحسين مستواي الدراسي وجعلني من الطلبة المتفوقين الذين يشار إليهم بالبنان في المدرسة، وهذا ولله الحمد أفتخر به في كل مكان». ويضيف محمد عمر القاسم « ثمانية أعوام»: «التحقت بحلقة التحفيظ منذ أربعة أشهر مضت، واستطعت خلال هذه الفترة حفظ جزأين من كتاب الله عز وجل، وسأتم حفظ القرآن كاملا بإذن الله»، مشيرا إلى أنه يطمح أن يكون في المستقبل أحد الدعاة. وكذلك يحفظ عبدالرحمن محمد الحارثي «عشرة أعوام» من كتاب الله جزأين: «أستمع إلى تلاوة الشيخين عبدالرحمن السديس وماهر المعيقلي، وأتابع ما أحفظه في حلقة التحفيظ في المسجد»، مشيرا إلى أنه يحفظ بعد صلاة الفجر الآيات المقررة عليه في اليوم نفسه، بأن يسمعها لمعلمه في التحفيظ، حيث يجد أن بعد صلاة الفجر أفضل أوقات الحفظ لديه، مؤكدا زيادة تفوقه الدراسي بشكل كبير بعد التحاقه بحلقة التحفيظ. من جهة أخرى، يقول مشرف تحفيظ حلقات مسجد الباتي بمكة المكرمة أحمد سعيد الغامدي: إن في المسجد خمس حلقات، بلغ عدد الملتحقين بها 116 دارسا، موضحا أن حلقات تحفيظ القرآن الكريم: «نهضت بأبنائنا نهضة عالية في أمور كثيرة، وساعدتهم في حياتهم العامة، وفي النواحي الاجتماعية له الأثر الكبير. والقرآن هو أهم العلوم على الإطلاق، فذلك يفيدهم في دراستهم، بل تجد أن طلاب التحفيظ لهم دورهم الفعَّال في مدارسهم ومجتمعهم المحيط بهم».