إذا «قدر» الله عليك أن تستيقظ مع أذان الفجر، وخرجت لعملك قبل أن تنتصب قامة السادسة تحية ليوم جديد، فقد تفاجأ بوجه جديد لمدينتك «الرياض»، لا يشبه كثيرا ذلك الوجه الذي لاح للبدر في الليالي الوضح والعتيم الصبح! تتلفت حولك لترى أنك السعودي الوحيد في شوارع شبه مكتظة بعمالة أجنبية من جنسيات آسيوية مختلفة! عمالة تستيقظ باكرا لأجلك أنت! لتطمئن عيناك على بريق سيارتك الجديدة في مدينة تتنفس الغبار! لتفتح مكتبك وتمحو عن وجهه آثار كسل البارحة، وكل ما علق به من ذرات غبارية أتعبها المسير أميالا طويلة حتى تصل إلى مستقرها بين يديك، فتستلقي على أي سطح مستو حتى لو كان هذا السطح عموديا كجدار! اعتادت ذرات الغبار أن تتفنن في لعبة الاختفاء، فهي تعرف أين تستتر من دون أن يزعجها أحدهم بمنشفة حمراء اسودت بعد شقيقاتها اللواتي سبقنها إلى حتفهن الأخير! ذرات الغبار تعرف كيف تتجنب «ريش النعام» التي جلبت من أقاصي الدنيا لضربها! من فرض هذا التناقض على مدينتك حتى تغير وجهها وأصبح غريبا لا نعرفه، وأنت لا تزال نائما في سرير وثير جلبه إلى منزلك وركبه عامل آسيوي! ثم تستيقظ أنت بعد أن تطير الطيور بأرزاقها، وتزدحم شوارع المدينة بأهلها الذين أفاقوا متأخرين لأن هناك من سبقهم إلى تأمين أسباب راحتهم، فتلعن في سرك هذا الزحام الذي تسببه كثرة العمالة، بينما تطلب من أحدهم أن يحضر لك إفطارك الصباحي كما يفعل كل يوم!