فجرت الصراحة التي اكتست بها جلسات الحوار الوطني الفكري الثامن، العديد من نقاط الضعف التي أصيب بها القطاع الصحي وفق نظرة المسؤول والمواطن. وفيما وصفت التوصيات التي خرج بها الحوار الوطني أمس بالشفافة، بعد مداولات دامت ثلاثة أيام في نجران، رفعت وزارة الصحة شارة الرضا عما قيل، معلنة عن استعدادها للوصول للأفضل، وسط منظومة التعاون لإصلاح مسيرة الخدمة الصحية. ولم يكد السامر ينفض حتى جاءت الانتقادات بهدف معالجة السلبيات من كافة القطاعات، أبرزها تأكيدات الدكتور محمد بن علي الجمعة المدير التنفيذي لمركز الملك عبدالله للأبحاث الطبية، من أن وزارة الصحة تفتقر إلى المؤشرات الحديثة لنسب انتشار الأمراض في المجتمع، وينقصها توفير استراتيجيات واضحة للتعرف على حجم رضا المواطنين تجاه تقديم الخدمة، ولم يفته التطرق لأهمية الأبحاث في إيجاد حلول للمشكلات الطبية المنتشرة، مشيرا إلى ثلاثة فروع لمركز الملك عبدالله العالمي للأبحاث، أنشئت في ثلاث مناطق بالسعودية. ماذا يريد المواطن؟ حمل العنوان العريض “ماذا يريد المواطن” العديد من الاستفهامات التي وجد المسؤولون في وزارة الصحة أنفسهم مطالبين بالإجابة عنها، وإن استحال الأمر فالمطلوب تبيان الخطة المستقبلية للخدمات الصحية، ليبادر الدكتور منصور بن ناصر الحواسي وكيل وزارة الصحة للشؤون التنفيذية، بالتأكيد على وجود خطة مفصلة من حيث المعايير والتكلفة، لكنه حسم الجدل حول ما يتوفر، وما مطلوب أن يتوفر بالقول “نتمنى الوصول إلى مستوى طموحات المواطنين، لأن الوزارة وجدت لخدمتهم”. التعليم أهم وفيما حولت الدكتورة منيرة بنت حمدان العصيمي المدير العام للتمريض بوزارة الصحة، دفة الحوار إلى التعليم العالي، من خلال مطالبتها بتوصية وطنية تدعو إلى الاستثمار في الأبناء من خلال دعم قطاع التعليم العالي، وفتح برامج تخصصية في المناطق النائية للاستثمار في تلك المناطق ولأبنائهم وبناتهم، أعلنت عن أملها في استحداث برامج إيفاد داخلي لرفع مستوى الخريجين لتقديم الخدمة الصحية المتميزة. وتناولت الدكتورة سحر محمد مكي المدير العام لإدارة مكافحة عدوى المنشآت الصحية في وزارة الصحة، أهمية إنفاذ برامج التعقيم وتجهيز غرف العزل، توعية المواطنين بوسائل منع انتقال العدوى. ويبدو أن حرص جمهور الحضور على معرفة أجندة وزارة الصحة في المستقبل، وجد استجابة من القائمين على القطاع، إذ انبرى الدكتور محمد حمزة خشيم، وكيل وزارة الصحة للتخطيط والتطوير، في الدفاع عما يمكن أن ينال الوزارة من سوء فهم، ليشدد على أن الوزارة لديها خطط مستقبلية تهدف إلى تحسين وتجويد الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين في كل منطقة وقرية. أسرة ورعاية أولية وبدأ في شرح التفاصيل وبعض المحاور، مؤكدا: “سنعمل على زيادة عدد الأسرّة وتأهيل عدد كبير من المستشفيات وشراء وتوفير التجهيزات الطبية الحديثة، نسعى لإدخال الحكومة الإلكترونية وتوفير ملف لكل مريض وتفعيل التواصل الإلكتروني بين كافة المستشفيات، سنفعل ونطبق ما لدينا من نظام شامل لحصر الأخطاء الطبية، سنعمل على تدريب الأطباء وهم على رأس العمل وعرض نتائج عملهم”، مشيرا إلى أن الوزارة ماضية في تكريس العمود الفقري للصحة المتمثل في الرعاية الصحية الأولية، حيث “يعتمد مشروع الوزارة على إنشاء مستشفى متخصص في كل منطقة لمعالجة أمراض القلب والتجميل والجراحة، وتجهيز خمس مدن متخصصة لعلاج الأمراض المستعصية كزراعة النخاع”. أين الحقوق؟ ولم تقتصر شفافية الحوار على آراء المستفيدين من الخدمة، بل جاءت ممن يحملون خبرات صحية بعيدا عن وزارة الصحة، حيث يتبعون لقطاعات عسكرية أخرى، فحدد الدكتور عبدالله بن علي العماري المدير العام للتشغيل بالشؤون الصحية بالحرس الوطني، محاور الحقوق، على أمل تطوير القطاع الصحي، فقال “يجب توضيح حقوق المستفيد وواجباته من الخدمات الصحية ومنها الوصول إلى الخدمة الطبية، الحصول عليها من ممارسين أكفاء، الحصول على معلومات مناسبة، التوعية الصحية، إضافة إلى الحق في رفع الضرر والتعويضات عن الأخطاء الطبية”. لكن الدكتور جميل عطية مستشار المدير العام للإدارة العامة للخدمات الطبية للقوات المسلحة ورئيس اللجنة الطبية الاستشارية العليا، اعتبر الحديث عن الحقوق بمعزل عن الواجبات إجحافا، مطالبا بتوعية المريض بواجباته تجاه المرافق الصحية، بشرط الحفاظ على حقوق المريض وكرامته، معلنا أنه يجب إعادة الثقة بين المواطنين والجهات ذات العلاقة، من خلال وضع خطة استراتيجية لذلك. التبليغ والمسعفون وتحت شعار المنافذ الآمنة شدد الدكتور أحمد بن ناصر العنقري مدير إدارة التطوير الإداري والتدريب في وزارة الداخلية على أنه من حق المواطن العثور على منافذ آمنة للتبليغ عن القصور من الخدمات الصحية. وركزت الدكتورة منيرة بنت عبدالله المزروع المدير العام للأقسام النسائية بهيئة الهلال الأحمر على تسهيل الإجراءات الإسعافية والتنسيق مع الجهات ذات العلاقة في مهمة المسعفين، وتوفير أجهزة الإنعاش القلبي في المرافق والتدريب عليها، تكوين فريق صحي إسعافي متخصص لإسعاف المحتاجين من المرضى النفسيين وإيصالهم للمستشفيات المتخصصة. وحسم الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله المعمر المدير العام للإدارة العامة للخدمات الطبية في وزارة الداخلية، أمنيات المواطنين في الارتقاء بمستوى الخدمات الصحية من خلال مجالس الخدمات الصحية والضمان الصحي، لتأتي الدكتورة فاطمة بنت عبدالله المطلق مستشار المدير العام للإدارة العامة للخدمات الطبية للشؤون الطبية للقوات المسلحة، وتؤكد أن الحصول على مستويات طبية ترضي المجتمع، يعد مستوى طموحات القيادات العليا والمؤسسات والمواطنين.