في حديثه للإذاعة السورية عام 1973 ذكر الموسيقار السوري الراحل فريد الأطرش أنه عانى من تطنيش أم كلثوم له، وتجاهلها لأعماله، وتحدث بحرقة أنه حاول أن يجرح نفسه من أجل أن تغني له، ولكنها كانت ترفض بحجة أن أعماله لم تعجبها، وبرر الأطرش في تسجيل صوتي لحواره الإذاعي أن أم كلثوم كانت (ماتحبنا) يقصد هو وأخته أسمهان، ولم تغن له على الرغم أنه ترجاها لمدة خمس سنوات بحسب ما ذكر. رحلت أم كلثوم ورحل الأطرش، ولم يعلما أن الفن المصري انفتح في سنوات قليلة للعرب جميعا، وأصبح الطرب والدراما المصرية مليئة بالنجوم السوريين. اليوم المشهد يتكرر في الأغنية الخليجية (مع استبعاد جانب المحبة الذي يؤطر الحدث الأول)، فمازال الدويتو في أغنية رسمية بين الفنان محمد عبده والفنانة أحلام إحدى الأمنيات المكلومة للفنانة التي تمنت أن تضيفه إلى تاريخها الفني، وفي أكثر من مقام ألمحت إلى ذلك، حتى جاءت المفاجأة غير السعيدة لفنانة الخليج بغناء عبده دويتو مع الفنانة أصالة، وحينها انعقد لسانها وذكرت أنها لن تستطيع أن تطلب من الأستاذ في يوم ما أن تغني معه، وبدا للمتابعين أن حديثها كان ردة فعل وتعففا منها عن بؤس السؤال. الجمهور يتمنى تحقيق هذه الأمنيات، ولو من باب (جبر الخواطر)، خاصة أننا نعلم أن هناك كثيرا من الأماني المكبوتة، التي لم تراع فيها مشاعر أطراف أخرى. والأغنية السعودية في ظل قوتها وانتشارها أصبح جميع الفنانين العرب يبحثون عن بصمة تعيد انطلاقتهم من خلالها أو تشكل منعطفا مهما في مسيرتهم، وحارس بوابة الأغنية الفنان محمد عبده الذي يدين له بالفضل جميع الفنانين الذين منحهم فرصة وضع البصمة السعودية على أغانيهم من تلحين أو غناء أو حتى نصيحة عابرة، عبده كما يعرف محبوه (كلثومي) متعصب ونخشى أن تتجدد المفارقة ويكون هناك (أطرش) جديد، رغم أن قرار منح الفرصة ليس مكلفا بالنسبة إليه، فهو يستطيع تحويل ال(أحلام) إلى حقائق، متى ما لمس أن الفنان المقابل طيب و(نواياه بيضا)، وليست سيئة.