يا جماعة الخير، قدّر الله علي وصرت مسوقة. أرجوكم.. لا تفهموني خطأ.. لا أتسول منكم مالا.. بل فهما فقط. يقولون: “أكل العيش مر”. الأمرّ منه -أيها السيدات والسادة- هو أن تكوني مسوقة لإحدى الشركات. أعرف أن لكل إنسان عينين اثنتين. لكنني أشعر أن عملاءنا لهم عشر أعين. وكأن نظرات موظفي شركتنا و(بحلقاتهم) الفجة لا تكفي، حتى يكمل العملاء المحترمون الناقص. أتحدث إلى العميل، بكل احترام، فأشعر أحيانا أنني لوحة سيريالية يحاول هذا الظريف أن يتابع أدق تفاصيلها. أتحدث في العمل، فيما (بحلقاته) في جسدي تدوم وتدوم وتدوم. ينتهي اجتماع العمل (البصري) لتبدأ جلسة أخرى سماعية. ما إن أعود إلى مكتبي حتى يرن هاتفي: “آلو.. أستاذة ندا. بصراحة أنا معجب بأسلوبك”..!. أمران أحلاهما مرّ: إما أن أجامل، أو أفقد العميل، فيحيل رئيسي في العمل حياتي إلى جحيم لا يطاق. أفكر أحيانا، كيف أن عملنا هذا قد يكون الأصعب والأكثر ألما. كم نحتمل فيه من نظرات خاسئة وخاطئة. كم نحتمل فيه من كلام جارح وعبارات صفيقة. لكن أكل العيش مُر. إذا نجوت من (البصبصات)، فلا مهرب من تقريع أحدهم وهو يجلس على كرسيه الوثير: “ما لقيتي شغلة أحسن؟”. “اتقي الله واقعدي ببيتك”. أحاول أن أسأله: “من يطعمني إذن؟”، لكن شهقة تمنعني. أبكي بحرقة.. أرفع السماعة لأتصل بعميل محتمل آخر، وأدعو أن يكون إنسانا.. لا وحشا.