ما زالت ثقافة الاعتراف بالخطأ وتحمل تبعاته بكل شجاعة من الثقافات المفقودة في مجتمعنا؛ فمن منا لديه هذه الشجاعة ليقول- خاصة من هو في موقع المسؤولية-: أنا أخطأت الآن، أو في الماضي؟ من منا يستطيع أن يفعل ذلك؟ لا شك قليل، وقليل جدا. الاعتراف بالخطأ ليس مجرد اعتراف شكلي، بل هو بمثابة تصحيح لاعوجاج حادث ربما أحدث الكثير من الآثار السالبة أو سيحدثها. وهو مكاشفة مع النفس وقهر لسلطة الأنا والخوف، وبالتالي يعكس شخصية الإنسان وعلاقته مع نفسه والآخرين، ونقطة تحول في حياة الكثيرين. والإنسان بطبيعته البشرية ليس معصوما من الخطأ والزلل، وكل ما نقوم به ونفعله هو اجتهاد لفعل الصواب، وبالتالي فإن ارتكاب الأخطاء وارد، لكن عدم الاعتراف بذلك هو ما يوقع الإنسان في كثير من المشكلات مع نفسه أولا ومع الآخرين الذين سيفقدون الثقة فيه. ولك أن تفكر يا إنسان وتصنع لك نقطة تحول نحو عالم الشفافية مع النفس ومع الآخرين، فالاعتراف بالحق فضيلة، وبالقياس فإن إنكار الحق يعد رذيلة. كنت أتحدث مع نفسي وأقول: ماذا سيحدث لو امتلكنا جميعا الشجاعة الكافية للاعتراف بأخطائنا وعملنا جميعا على محاولة تصحيحها؟ لابد أن ما سيحدث سيغير كثيرا من المفاهيم، وسيحول العتمة إلى ضياء. فلنحاول أن نبدأ في إشاعة هذه الثقافة ولو بدرجات مختلفة من قوة الاعتراف وعظم الخطأ، والبداية يمكن أن تكون من الأسرة الصغيرة، وبعدها ستنتقل كالعدوى- لكنها حميدة- في سائر جسد المجتمع.