رسم الشاعر تركي خطا جديدا، ومختلفا عن الآخرين في ساحة الكلمة المغناة، حيث استطاع أن يمزج بين حالتين تقتسمان الإبداع في داخله عبر موهبة الشعر والجملة الموسيقية الأصيلة التي تتخذ من نصوصه موطنا لها، هذه التوأمة قدّر لها أن تكون ملتصقة معا، عجز عنها مشرط النقد أن يفصلهما عن بعض بعد أن استسلم الجراح لعبقرية هذا التوأم الذي منح للحب والعاطفة أملا وللإنسانية درسا في الحياة. لديه فلسفة جميلة في صياغة النص الشعري تحمل شكلا ومضمونا من خلال معالجة درامية يختصرها عبر بعض المشاهد من واقع الحياة تصاحبها روح تحمل حسا موسيقيا مليئا بكمية هائلة من الشجن والطرب المثير لطوفان السلطنة داخل أعماق الفنانين من فئة الأصوات الطربية. لعل السؤال الذي يتبادر إلى ذهن كل من يستمع لتعاوناته مع نجوم الغناء هو كيف استطاع أن يكتب نصا غنائيا بلهجة جنوبية من خلال أغنية (هلا.. بش) التي قدمها بصوت أمير الطرب عبدالمجيد عبدالله في الوقت الذي كان لتركي تجربة أخرى مع الموروث اليمني من خلال أغنية (قالوا حبيبك مسافر) التي غنتها الراحلة ذكرى، خاصة أنه استخدم مفردات حضرمية وأغنية (تناقض) أيضا لها نفس الطعم الجميل الذي تناوله في مرحلة سابقة. الجميل في هذا الطرح كمية الجرأة التي اتخذها في تقديم نص غنائي يحمل نفسا جنوبيا ليسلط الضوء على ذلك الموروث الذي لم يستخدم بشكل كامل، مما لفت الانتباه له خليجيا وعربيا عبر أعذب الأصوات التي مرت على الأغنية العربية، صوت عبدالمجيد عبدالله. إذا الحالة التي يمر بها تركي ليس لها وطن أو زمان أو مكان، وحينما يبدأ في كتابة نص غنائي فهي حالة جغرافية يغادر من خلالها بفكره محلقا في سماء الشعر والنغم متنقلا بين ثقافات مختلفة تزخر بها الجزيرة العربية ليخاطب كل الأطياف بمختلف توجهاتهم الثقافية والفكرية، ويصدرها للخارج عبر نجوم الأغنية لتعريف المستمع والمثقف والأديب والإعلامي العربي بثقافات أهل الخليج كما هو العكس حينما نستقبل ثقافات أهل المغرب العربي وأهل الشام عبر لهجتهم التي تصلنا بأصوات فنانيهم. هنا تكمن عبقرية تركي، وقدرته على التنويع في مصادر الكلمة والجملة الموسيقية، وقدرته على إيصالها لأكبر شريحة ببساطة ومن دون تعقيد، فهو يكتب بصياغة لحنية ليمتع كل السامعين شعرا وطربا وعشقا.