أصبحت الحوادث المرورية هاجسا يوميا يقلق مضاجعنا بعد أن تزايدت معدلاتها وارتفعت خسائرها بشكل كبير، مؤدية إلى مقتل وإصابة الآلاف، حتى أصبحت أشد فتكا بالبشر من الأمراض والحروب، فالإحصائيات تقول: إن هناك نحو 300 ألف متوفى ومصاب من جراء الحوادث المرورية خلال السنوات العشر الماضية! رقم كبير ولا شك.. والخطب جسيم. وقدرت دراسة حكومية أجريت أخيرا أن حجم الخسائر الناجمة عن الحوادث المرورية في السعودية بلغ نحو 13 مليار ريال سنويا، كناتج لتقدير خسائر الوفيات والإصابات والتلفيات، إضافة إلى ما تخلفه من آلام ومآس اجتماعية تصيب أهالي ضحايا الحوادث المرورية، كما تمثل أيضا تكاليف وأعباء من الناحية الاقتصادية ومؤثرة في الاقتصاد الوطني للسعودية. وأكثر ما يؤلم أن الدراسة أكدت أن معظم ضحايا الحوادث هم من فئة الشباب، حيث بلغ متوسط أعمار المتوفين 34 سنة، ما يعني فقدان نحو 26 سنة عملا لكل متوفى. كما أن نحو 65 في المئة من حالات الإصابات البليغة تحتاج إلى علاج في المستشفيات قد يمتد 20 يوما، ونحو 70 يوما للتأهيل، بينما يحتاج 33 في المئة من حالات الإصابات إلى سنة كاملة من أجل إعادة تأهيلها، أي فقدان عام كامل من الإنتاج. وكل هذه الأرقام تمثل أيضا خسائر في الاقتصاد السعودي، وفي شريحة أساسية للمجتمع، وهي شريحة الشباب التي تعول عليها الدول في نهضتها وبناء قدراتها. فهل نتدبر ونحاول أن نوقف هذا النزف المستمر في مقدراتنا البشرية والمالية، بالحذر في القيادة واتباع أصولها السليمة؟