*متعب كثيرا.. أعترف! وأعترف أيضا أنني يلذ لي تعبي.. وأعترف أكثر.. أن لذاذة هذا التعب مقيمةٌ ما بقي هذا التعب مقيما أيضا، فمن لي بلذة خالصة، بلا تعب؟! أتساءل فقط. ولا أحب أن أعثر على إجابة؛ لأنني وببساطة - لن أعثر عليها إلا بعد تعب! هل ذلك من لوازم المهنة؟ ربما..! أليس اسمها “مهنة المتاعب”؟! ولكن تعبي غير ذلك، بهذه المهنة وبغيرها.. متعب! متعب لأنني في زمان لا يرتاح فيه إلا المتعبون.. متعب لأنني خذلت الذين أحبهم، ولأن الذين عرفتهم خذلوني. متعب لأنني عربي، أتبع عروبة مسروقة، أو مستباحة، ولا من نصير؛ ولأن عربا مثلي يتحولون إلى جثث أمام الفضائيات العالمية، ولأن عربا آخرين لا يحبون متابعة “هذه المناظر” باعتبارها تجرح شاعريتهم، وتفسد رغبتهم بالفرح..! متعب؛ لأن لي قلما منحته للكتابة، ولم أعرضه في سوق بيع وشراء الأقلام. متعب كثيرا.. وقلمي يؤلمني.. وقلبي كذلك. متعب لأن قلمي وبعد أكثر من عشرين سنة يعجز أن يقدم لتلك السيدة التي تعبت معي العمر كله ما يريده قلبي. متعب كثيرا.. أقول أيضا لذلك الزميل الذي يعمل مع زميل آخر وشكا لي من تعب مضيض: لتهنأ بتعبك.. فالرجل الآخر لا يكاد يرتاح إلا حين يتعب ويتلذذ بتعب الآخرين. يقظة: متعبون.. نعم.. لكننا نقرأ تعبنا في عيون الآخرين.. راحة، وسعادة، وعدالة، وفرحا غامرا.