تتميز القنفذة بشكل احتفالي إجرائي غريب لإكمال مراسيم الزواج؛ حيث يقسم الزواج إلى مرحلتين، الأولى عبارة عن حفل خاص بالرجال، ثم يعقبه حفل آخر للنساء، بعدها يستطيع الزوج أن يأخذ عروسه، بغض النظر عن الفاصل الزمني بين الحفلين، الذي قد يمتد لأيام، وأحيانا لأكثر من ذلك، والغرض من ذلك مساعدة العريس على تكاليف الزواج؛ حيث يستفيد من النقود التي يحصل عليها من إخوته وأقربائه وأصدقائه، وكذلك ما تدفعه النسوة في حفلهن المسمى ب(النشر). عادة.. ولكنها دخيلة!! اعتبر إبراهيم علي الفقيه هذه العادة دخيلة على القنفذة وقراها، موضحا أن أول ممارسة لها في القنفذة كانت في عام 1415ه، ثم أخذت بعدها في الانتشار تدريجيا في قرى جنوب القنفذة، خصوصا في مركز القوز؛ حيث بات من المتعارف عليه أن العريس سيقيم حفل عشاء بدلا من حفل زفاف. نصف متزوج أما سلطان آل علي فقال إنه لن ينسى الموقف المحرج الذي تعرَّض له بسبب هذه العادة، حيث قال: “دعوت أصدقائي وأساتذتي بالجامعة لحضور حفل زواجي، وكان أن سأل أحدهم والدي يومها: كيف يتزوج ابنك وبعد غد يرجع إلى مقاعد الدراسة؟ فاستغرق والدي كثيرا من الوقت ليشرح له الأمر. ومن يومها وزملائي يمطرونني بالأسئلة عن تلك العادة. والطريف أن بعضهم أطلق علي لقب (نصف متزوج)”. واستدرك قائلا: “لم أكن مقتنعا بتلك العادة، لكن ظروف دراستي آنذاك أجبرتي على اتباعها”. وبرر آل علي انتشار هذه العادة وتفشيها في كثير من أرجاء محافظة القنفذة بقلة الإمكانات؛ فالعريس يقيم حفل عشاء مستقبلا للرجال كي يستفيد من (الموجب) أو (الرفدة)، وهي النقود التي يحصل عليها يوم زفافه من أهله وأصدقائه كنوع من الدعم المادي، وينطبق الشيء نفسة على يوم الزفاف النسائي، حيث تقوم النسوة بدفع الرفدة لأم العريس، وبذلك يستفيد العريس من النساء والرجال معا. وأشار إلى أن هذه العادة لم تتغلغل بقوة بعد؛ فهناك من لا يمارسونها؛ فبعض المقتدرين على سبيل المثال يستطيعون إكمال مراسم زواجهم في يوم واحد. الفقراء هم المستفيدون أما حسن عيسى السميري فيؤكد أن هذه العادة أخذت من الانتشار في قرى ساحل يبه رغم أن بعض الأسر لديها القدرة المادية على تزويج أكثر من شاب في يوم واحد، إلا أن ذلك لم يمنع من الاستفادة من هذه العادة التي تمنح العرسان، خاصة الفقراء منهم، فترة راحة واستعداد في آن واحد؛ حيث يكملون تشطيب عش الزوجية وتأثيثه من النقود التي تصلهم من الحفلين. طعم الفرح (مجزّأ)!! ويشير سعيد عبدالله الشيخي إلى أن تلك العادة غير منتشرة في قرى شمال القنفذة التي تتميز بحفل اليوم الواحد، وتساءل: “كيف للعريس أن يتذوق طعم فرحه مجزّأ؟”. وقال: “إن تلك العادة يمكن أن تنتهي بتكاتف الشباب وتخصيص فترة إعداد كافية للزواج”. ويتفق معه حسين بلقاسم، مشيرا إلى أنه سمع كثيرا أن المناطق الشمالية تتعامل بمبدأ تجهيز كل أدوات المنزل ومستلزماته للعريس قبل الزواج؛ ما يخفف عليه كثيرا. أما المأذون الشرعي أبو محمد فيعتقد أن الشباب يلجؤون إلى تلك العادة بسبب غلاء المهور، الذي تشجعه بعض القبائل. وقال: “إن تخفيض المهور هو الحل الأمثل لتسهيل الزواج؛ تأسيا بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم (خيركن أقلكن مؤونة)”.