هكذا هي الحياة إذاً. الأصوب: هكذا نحن. كم منا لا يقدر قيمة الأشياء التي بين يديه. حين نقترب كثيرا من أشيائنا الحميمة، نفقد الإحساس بقيمتها، وتفقد هي وهجها البراق. أكتب إليكم من على سريري الخاوي الذي يشاطرني أحزاني مذ قدمت إلى هذه المدينة مغتربا. وحيدا، بت أناجي نفسي. أحدث الجدران الغليظة، وأكابد وحدتي. اليوم فقط، أشعر بقيمة شريكتي، اليوم فقط يلوح لي وجه زوجتي. أتذكر بها ومعها كم كانت أيامي مفعمة بالحياة.. والصخب. كم كانت ثرثراتها تحيل كآبة الزمن الوئيد إلى لحظات تمر كلمح البصر. لا صوت الآن عدا طنين أذنيّ. لا أحد أشاطره همي، وأبث له غمي. كم مرة فكرنا كيف أننا نتطلع إلى ما لا نملك، ولا نعطي أهمية لأشيائنا مهما كانت ثمينة وغالية. كم هي الغربة مؤلمة وقاسية. كم هي أيضا تفتح أعيننا على زوايا خاصة لم نكن نتطلع إليها من قبل!