شاب في الثلاثين من عمره ضاقت به الحياة على سعتها، وانقطعت به السبل على كثرتها، وبدلا من أن تفتح أمامه أبواب الأمل فتحت أبواب البؤس على مصراعيها. تنقل بحكايته عبر الصحف والمجلات طالبا الحل والعون ولكن ما من مجيب، فانزوى مع نفسه وفكر ثم تدبر أمره وانتهى تفكيره إلى بيع كليته ليضع حدا لنزيف الهم والمعاناة التي حبست أنفاس المستقبل وأغلقت أبواب الأمل وهو في مقتبل العمر. الشاب محمد يحمل دبلوم فني تخدير من المعهد الصحي بالرياض، وقد أمضى به ثلاث سنوات، وبعد تخرجه رفض إعطاءه الشهادة لعدم سداده رسوم الدراسة، ومن هنا بدأت وتستمر معاناته؛ فالمبلغ المطلوب يصل إلى 22 ألف ريال، ولم يستطع أن يدفعه لعدم توافره لديه حتى اللحظة؛ ما يعني تأجيل أحلامه، ومساعيه للوظيفة ودخول حياة عملية كريمة وشريفة. يتحدث محمد عن متاعبه بكثير من الحزن والأسى، قائلا: “بعد فترة جاءني خطاب من الشرطة وطلبوا حضوري إلى المركز، وذلك بسبب كفالتي أحد الأصدقاء عند شرائه سيارة بالتقسيط واستجبت لطلبه من باب الثقة والصداقة التي تجمعنا، وقد كان حينها منتظما في السداد خلال الأشهر الأولى ثم بعدها أصبح متهاونا وغير مبال حتى تراكمت الأقساط ولم يدفعها ووصلت إلى 21 ألفا و800 ريال، وأقيمت دعوى علي من شركة السيارات، وتم إيداعي السجن أكثرمن ثلاثة أسابيع لعدم توافر المال لدي، وعندها فصلت من عملي بعد دخولي السجن، وقام بعدها أحد الزملاء بكفالتي وخرجت من السجن، وقمت بالبحث عن صديقي الذي كفلته ولم أجده، وقيل لي إنه مسجون في قضية أخرى والله أعلم، بعدها اضطررت إلى بيع جميع أثاث الشقة؛ إذ لم تعد لدي أي سيولة مادية للعيش، وقررت العودة برفقة زوجتي إلى منزل والدي في القصيم ليلحق بي رجال الشرطة وتلزمني بالرجوع إلى الرياض، وأنا الآن أسكن بشقة أحد الزملاء، وزوجتي بالمستشفى وفي الأشهر الأخيرة من حملها. ويتابع سرد معاناته، قائلا: “قبل ثلاثة أشهر اتصلت بي إحدى الصحفيات وقامت بتنسيق لقاء مع مسؤول بالشؤون الاجتماعية بمنطقة مكةالمكرمة، وبالفعل ذهبت إلى هناك وقابلته وشرحت له مشكلتي ووعدني خيرا، وقال لي إن مشكلتي سهلة جدا، وبعد أن خرجت من عنده أعطاني ألف ريال، وقال لي لماذا لا تعمل ورددت عليه أني ولله الحمد لدي لغة إنجليزية ولدي خبرة أكثر من سبع سنوات، وبعد فصلي قدمت للعمل في أكثر من مستشفى ويتم قبولي ولكن لا يمر شهر إلا وتأتي الشرطة للبحث عني؛ لذا يتم فصلي فورا، وبعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر منذ نزول اللقاء والوعد لم تحل مشكلتي، ولم يصلني أي اتصال حتى اليوم”. ويواصل: “اتصل بي أحد الأشخاص وقال لي إنه يحتاج إلى كليتي وسوف يشتريها مني واتفقت معه على المبلغ، ثم بعد ذلك ذهبت معه إلى المستشفى وقابلنا اللجنة الخاصة بالتبرعات وتم فحصي وذكرت لهم أن هذا صديقي؛ لذا أريد أن أتبرع له حتى لا يتم تحويلي إلى السماسرة الذين يأخذون نسبة ويضعون المبلغ الذي يحددونه هم، وحينها طلب مني هذا الشخص إجراء العملية، ولكني رفضت لأنه لا توجد أي ضمانات تثبت أني بعت له كليتي، لذا حصل التباس ولم يرد الله أن أبيعها له”. واستدرك قائلا: “اتصل بي أحد المشايخ، وقال لي إن هناك فاعلة خير تريد مساعدتي وذهبت إليه وقابلته ووعدني بمساعدة أهل الخير لاستخراج شهادتي ومنذ خروجي من عنده وأنا أتصل به ولا يرد علي حتى الآن”. وبنبرات ملؤها الدمع، يقول: “أنا لا أريد تبرعات ولا صدقات.. أريد حقي في تسديد ديني واستخراج شهادتي فقط، فهل هناك من يساعدني؟”.