تصدر تعليق الزوجة وعدم تطليقها لإذلالها أبرز أشكال العنف الاجتماعي المنتشرة بنسبة كبيرة في المجتمع السعودي، حيث كشفت نتائج أحدث دراسة ميدانية غطت كافة مناطق السعودية عن مدى انتشار أشكال العنف الاجتماعي والتي أفرزتها رؤية 2040 شخصا من السعوديين والسعوديات أن 29 في المئة من أفراد عينة الدراسة يرون أنه يعد شكلا من أشكال العنف الاجتماعي، في حين أن 22 في المئة يرونه منتشرا جدا، كما ذهب 32 في المئة من عينة الدراسة إلى أن تفضيل الأبناء الذكور على الإناث هو أحد أشكال العنف الاجتماعي المنتشرة جدا، كما أن 28 في المئة من إجمالي المبحوثين أشاروا إلى أنه منتشر، كما أن إعاقة زواج البنات دون مبررات كافية كأحد أشكال العنف الاجتماعي منتشر جدا؛ حيث أشار إلى ذلك 32 في المئة من إجمالي أفراد العينة، وذهب 19 في المئة من إجمالي المبحوثين إلى أنه منتشر. وأوضح باحثو مركز رؤية للدراسات الاجتماعية الذي قام بالدراسة أخيرا أن النتائج أوضحت أن منع المطلقة من رؤية أبنائها منتشر جدا، ويشير إلى ذلك ما نسبته 30 في المئة من إجمالي أفراد العينة، في حين أن 27 في المئة فقط من المبحوثين يرونه منتشرا، كما أن ما نسبته 29 في المئة أشاروا إلى أن منع الأبناء من رؤية أمهم المطلقة منتشر جدا، في حين أن 26 في المئة يرونه منتشرا. وبالنسبة إلى دفع الابن لتطليق زوجته تحت ضغط العائلة اتضح أن 23 في المئة من أفراد العينة يرونه نادرا جدا، ويذهب 26 في المئة منهم إلى أنه غير منتشر. ويرى 23 في المئة من أفراد العينة أن منع البنات من الخروج من المنزل أو زيارة الأقارب من أشكال العنف الاجتماعي النادرة جدا، وذهب 22 في المئة منهم كذلك إلى أنه غير منتشر. كما أسفرت النتائج عن أن عدم مساعدة الابنة أو القريبة التي يؤذيها زوجها من أشكال العنف النادرة جدا، وأشار إلى ذلك 19 في المئة من المبحوثين، وذهب 21 في المئة منهم إلى أنه غير منتشر. وكشفت النتائج أن هناك تراجعا في ممارسات العنف التي تأخذ شكل ضغط العائلة على ابنها لتطليق زوجته أو منع البنات من الخروج من المنزل. ويمكن إرجاع ذلك إلى تسارع معدلات التغير الاقتصادي والاجتماعي في المجتمع، فلم يعد من اليسير على الرجل أن يتزوج أكثر من مرة، هذا ناهيك عن أن يستطيع أن يتزوج للمرة الأولى، كما أن حق الفتاة في التعليم والخروج من المنزل لتحصيله بات حقا مقررا لها لا يمكن مصادرته. من جهتها أبانت فوزية الخليوي عضو الجمعية العلمية السعودية للسنة النبوية وعضو لجنة حماية الفتيات من الابتزاز ل»شمس» أن عدم ارتياح الرجل لشكل المرأة وهيئتها أو تركيبتها النفسية قد يكون من أهم الضغوط التي يواجهها في حياته الزوجية، مما تجعله يثور لأتفه الأسباب، ويلجأ إلى الضرب والسباب أو يجعلها مثارا للتندر والسخرية، وليس لها أن تنبس ببنت شفة. وتضيف: «ليس معنى هذا ألا يرى للمرأة أي حق في التقدير والتعزيز لصفاتها الإيجابية؛ فكل امرأة تحمل كمّا هائلا من العاطفة، فما إن تطأ قدماها بيت الزوجية إلا وهي تحمل أمنياتها وأحلامها، وإن اختلف عمق هذه الأحلام من فتاة إلى أخرى.. فمن الخطأ تجاهل جميع ذلك ووأده، وإلغاء مكنونات نفسها بالشتيمة والسخرية، مما يقود إلى اتساع الهوة بينهما فما تزيدهما العشرة إلا غربة وقهرا وكبتا. وتؤكد الخليوي أن المرأة تعاني من الحرمان العاطفي والعنف الاجتماعي من الزوج والأب والأخ، مستشهدة بالدراسة التي قام بها العقيد الدكتور محمد بن إبراهيم السيف وقدمت كورقة عمل خلال ندوة المجتمع والأمن بكلية الملك فهد الأمنية بالرياض قبل نحو خمس سنوات. وأشارت الخليوي إلى أن هذه الدراسة المعاصرة والتي كان عدد الإناث المسجونات وقت إجراء هذا البحث في سجون النساء ومؤسسات رعاية الفتيات بالسعودية 228 امرأة سعودية، وتوصلت الدراسة التطبيقية إلى أن المرأة السعودية المحكوم عليها بالسجن لارتكابها أفعالا جنائية كالأفعال الجنسية والاعتداء وتناول السكر والمخدرات غالبا لا يسعين من الفعل الإجرامي إلى كسب منافع مادية أو لدافع إشباع الغريزة الجنسية، فمعظمهن يبحثن عن مشاعر الحب والحنان والعلاقات الحميمة، بسبب شعور الزوجة بالحرمان العاطفي في علاقاتها مع الزوج، وشعور البنت باضطراب عاطفي في علاقاتها مع والديها وأشقائها، وقد استنتجت الدراسة أن مشكلة الحرمان العاطفي الأسري ترتبط بشكل مباشر بثقافة الوالدين والأشقاء والأزواج ومؤثرة بقوة على ميل المرأة في المجتمع السعودي نحو ممارسة الأفعال الجنائية المحرمة.