بعد التسهيلات التي وضعتها الرئاسة العامة لرعاية الشباب في الموسمين الأخيرين، تحولت المعسكرات الخارجية للأندية لعادة شبه موسمية، لم تقتصر فقط على الأندية المقتدرة بل طالت الجميع. ووضعت غالبية الأندية هذه المعسكرات في صدارة خططها الاستراتيجية الإعدادية للفرق كون شكلها العام في مخيلتهم يلامس الاحترافية من أوسع الأبواب، رغم أن مضمون الاستفادة الفنية سيظل مرهونا بما ستعكسه أرض الواقع. “شمس” فتحت ملف المعسكرات الداخلية والخارجية وجدواها الفنية وناقشت هذا الأمر مع بعض المختصين لمعرفة عائداتها على الفرق بالسلب والإيجاب مع دخول بعض هذه الأندية موسم الهجرة إلى الخارج. وفيما يلي نتوقف مع هذه الإفادات الفنية التي وضعها أهل الاختصاص. استفادة فنية وإدارية ويقول محمد اليامي الأمين العام لنادي الاتحاد ورئيس بعثة الفريق الكروي التي أقامت معسكرا إعداديا للفريق الأول الموسم الماضي في أبها، وتتواجد الآن في ضواحي مدينة فالنسيا الإسبانية في معسكر خارجي: “يجب أن نعرف أولا أن كل قرار تتخذه إدارات الأندية لإقامة معسكرات يخضع لدراسة وافية ويتم بعد استشارات وتمحيص لمعرفة مدى الفائدة من المعسكر الخارجي، وهل سيكون المكان مناسبا ومن ثم يعتمد بعد نظرة ثاقبة تصب في خانة المصلحة العامة سواء من ناحية اللاعبين أو الأجهزة الفنية. وبكل تأكيد المعسكرات الخارجية أو الداخلية لا بد أن يتم استغلالها بشكل مدروس حتى تعود بالنفع لأن اللاعب سيجد إمكانات متوافرة بالخارج أكثر من الموجودة بالداخل، كما أن هؤلاء اللاعبين يحتاجون إلى التغيير خاصة، وأن في السفر عدة فوائد، ولعل من فوائده هنا أيضا الاحتكاك بفرق قوية إذا ما كانت المعسكرات خارجية، إضافة إلى رفع المعدل اللياقي والتكتيكي عبر المباريات التجريبية وعرض اللاعبين على مصحات رياضية يخضعون فيها للفحص الدقيق، كما أن عامل الجو المتوافر بالخارج يساعد على إقامة المعسكرات ويبعد اللاعبين عن أي مشاكل داخلية. لا يوجد فرق في التكاليف ويؤكد اليامي أنه لا يوجد أي فرق بين التكاليف المادية للمعسكرات الداخلية والأخرى الخارجية؛ ولكن الفرق في الفائدة الفنية والإعداد الجيد بالخارج نظرا لوجود اللاعبين بعضهم مع بعض لفترات طويلة بعيدا عن أي ارتباطات داخلية، ويمكن ذلك من تنفيذ برنامج إعداد كامل ويحقق الجاهزية التامة. ويضيف أن كل فريق سيطبق برنامجا وخطة في معسكره ومن شأن ذلك أن يدفع بالأجهزة الفنية لتكثيف التدريبات والجرعات أكثر نظرا لتواجد الجميع المستمر دون غيابات، عكس الإعداد الآخر. كما يمكن أن تكون هناك برامج تثقيفية للاعبين وبرامج زيارات وترفيه خلال المعسكر من أجل المزج بين الجاهزية اللياقية والفنية والتكتيكية والنفسية ليعود اللاعبون قبل بدء المسابقات بأسبوعين وهم في قمة الروح المعنوية المرتفعة والجاهزية. الاستفادة من المباريات التجريبية وأوضح خليل الزياني نائب رئيس نادي الاتفاق أن الاستفادة من المعسكرات عظيمة إذا ما تم التعامل معها وفق الضوابط الفنية التي تكفل الاستفادة الفنية واللياقية من هذه المعسكرات خاصة إذا بنيت على قواعد أولها جودة المكان وإمكانيات المعسكر. ويحدد الزياني الفوائد بالقول: “هناك فوائد منها ألفة اللاعبين والأجهزة الفنية والإدارية وتقديم اللاعب للتدريبات والعلاج دون أي تشويش، وكذلك الاستفادة من المباريات التجريبية حيث تزداد الخبرة والاستعداد للموسم الجديد عبر هذه المعسكرات. ويطالب الزياني بعدم التقليل من الاستعدادات الداخلية رغم أن المعسكر الخارجي على حد قوله يعزل اللاعب عن الانشغالات الداخلية ويكون أكثر تقبلا للجرعات التدريبية المكثفة التي سيؤديها في المعسكر الخارجي وسيعود عليه بالنفع، إضافة إلى زيادة ثقافة اللاعب الاحترافية. ويستطرد الزياني قائلا أيضا: “تغيير الأجواء له أهمية كبيرة لدى اللاعب خاصة أن لدينا بعض اللاعبين لم يسبق لهم ركوب الطائرة، وهذا يكسبهم الخبرة والمعرفة ويجعلهم أكثر استعدادا لمسابقات الموسم وتتوسع مداركهم، فهناك منتخبات عالمية رغم توفر الأجواء والإمكانات لديها إلا أنها تقيم معسكرات خارجية في بلدان أخرى، وهذا ما لاحظناه في استعدادات المنتخب السعودي الأول نفسه لكأس العالم الأخيرة، وهو دليل على احتياج اللاعب للتغيير والأجواء الجديدة والاحتكاك والاطلاع والتهيئة الفنية والنفسية، فالمعسكرات الخارجية ستعود بالنفع على الأندية السعودية. السيطرة على اللاعبين في التدريبات وأكد المدرب الوطني عبدالعزيز العودة من جانبه أن المعسكرات الخارجية لها فوائد جمة من حيث التدريبات والمباريات، ووجود فرق سعودية في دول مختلفة يعد بمثابة اكتساب ثقافات مختلفة في كرة القدم. ويضيف العودة: “أتصور أن هذه المعسكرات إيجابية رغم أنني أميل إلى أن تقام مثل هذه المعسكرات في إطار تجمعات كروية مع فرق أخرى، وتقام بطولة مصغرة في آخر عشرة أيام من المعسكر مع أندية بلدان مختلفة؛ لأن الفائدة ستكون كبيرة من عدة نواح سواء اللياقية أو الفنية، وكذلك الاطلاع على المنشآت الخارجية والاحتكاك مع فرق أخرى، وأيضا في مثل هذه المعسكرات يجد اللاعب نفسه أكثر قبولا للتدريبات، كما أن الاستفادة ستكون مختلفة تماما. وبمقدور الأجهزة الفنية السيطرة على اللاعبين في التدريبات والانضباط حيث لا مجال لأي لاعب بالغياب أو الانشغال بغير التمارين. المعسكرات ليست من أجل النزهة ويؤكد عبيد ملحان مشرف قدم الأهلي السابق أن المعسكرات الخارجية أو الداخلية ليست من أجل النزهة بل من أجل أن تجني الأندية ثمارها في المسابقات المحلية والخارجية بتقديم المستويات والنتائج الإيجابية. ويستطرد ملحان قائلا: “بكل تأكيد المعسكرات لها فائدة كبيرة جدا متى ما كان هناك برامج جيدة وتنفيذ بشكل دقيق؛ حيث تشرف الأجهزة الفنية على اللاعبين بعيدا عن أي مؤثرات أو انشغالات أو أعذار تحدث، فهنا لا يجد اللاعب بدا من أن يكون منضبطا في المعسكر، ويركز من أجل الوصول لجاهزية تامة عبر الجرعات التدريبية المختلفة التي سيؤديها، إضافة إلى لعب مباريات تجريبية قوية هي الأهم بعد اكتمال الناحية اللياقة، فالمعسكرات مهمة جدا ولها فوائد كبيرة حاليا وفنيا ولياقيا، ويكفي أنها تحدث الألفة بين اللاعبين وتقربهم بعضهم من بعض، إضافة إلى العامل النفسي وتغيير الأجواء”. رقابة المعسكرات شيء ضروري ويطالب المدرب الوطني يوسف عنبر بضرورة مراقبة الإدارات وإشرافها الذاتي على المعسكرات التي تقيمها الأندية سواء داخلية أو خارجية، وذلك بعد أن تعتمد برامج العمل وخطة المعسكر وتوفر كل ما يخدم اللاعبين والأجهزة الفنية، وتدعم هذا المعسكر معنويا وماديا حتى لا يؤدي أي تقصير إلى انعكاسات سالبة على الإعداد. ويؤكد عنبر على ضرورة إقامة المعسكرات لما تجنيه الفرق من مستويات ونتائج إيجابية في مسابقات الموسم، خاصة إذا كان ذلك البرنامج قويا وذا معنى. ويضيف: “لا يختلف أحد على أن المعسكر يجهز اللاعب من مختلف النواحي صحيا وفنيا وغذائيا، كما أن الاحتكاك في المباريات التجريبية بالمعسكر ذات أهمية بالغة، ولكن بشرط أن تكون تلك المباريات قوية، كما أن المعسكر يجهز اللاعبين نفسيا بشكل كبير ويحدث نقلة جديدة في المستويات والإمكانات، لأن كل اللاعبين في المعسكر ينصب تفكيرهم في فترة الاستعداد والتجهيز ولا يوجد ما يشغلهم عنها، ويجعل اللاعب بعيدا عن مشاكله الداخلية التي دائما ما تمنعه من تأدية تدريباته أو الانضباط فيها لتسهم في النهاية من انخفاض المستوى العام للاعب عندما يدخل في المسابقات؛ ولذلك فإن المعسكر فرصة لكل اللاعبين للوصول إلى أعلى درجة من الجاهزية اللياقية والفنية والمعنوية والصحية.