الشيخ تركي الغامدي من الدعاة الشباب والنشطين في مجال دعوة غير المسلمين، من خلال مكاتب الدعوة إلى الله داخل البلاد وخارجها، وله جهوده الدعوية في أوساط الشباب مع أسلوبه المميز، الذي لا يخلو من اللطافة والطرافة، قابلته «شمس” ليسلط بعض الضوء على قضايا الشباب، وبعض القضايا المشتركة، معترفا بأن الدعاة اليوم، تقع عليهم مسؤولية كبيرة، في توجيه الشباب والبحث في ملفاتهم الساخنة.. كيف يمكن الوصول إلى قلوب الشباب من وجهة نظرك؟ في الحقيقة عندما نتأمل ونبحث عن طرق للوصول إلى قلوب الشباب، لن نجد طريقة أفضل من طريقته عليه الصلاة والسلام، فأسلوبه مع الشباب ومداعبته لهم، وابتسامته معهم، كلها تقود إلى معرفة الطريقة المثلى، بيد أن الأسلوب البسيط في الغالب هو الذي يفضله الشباب من خلال معايشتي لهم، وربما من الأشياء التي قد تجعل الشباب يتحلقون حولك هو البحث عن إثارتهم، من خلال المواضيع التي يحبون الحديث عنها، وربما لا أذيع سرا إذا قلت إن القصص تعد من أكثر الوسائل تأثيرا، وهي مؤثرة بالتأكيد على الكل سواء الصغير أو الكبير، وهناك أمر مهم جدا، وهو ألا يمارس الدعاة دعوتهم من خلال برج عاجي. هل تؤيد دخول الدعاة إلى أماكن الشباب واستراحاتهم وفتح ملفاتهم الخاصة؟ هو كذلك، ولكن يجب أن نعرف قدرات الداعية نفسه، فبعض الدعاة ربما لا يستطيع الذهاب إلى هذه الأماكن، وأنا مع أن نأتي إلى الشباب في أماكنهم، ولكن ليس معنى هذا أن نشرب (الشيشة) معهم، قالها ضاحكا، وإنما الدخول معهم ونصحهم وتوجيههم التوجيه الأمثل، ومن خلال معايشة لهذا الوضع، رأينا القبول من الشباب ولله الحمد، وبالنسبة لفتح الملفات الخاصة بالشباب والحساسة أنه مع هذا الأمر، ولكن يجب أن يكون بعد تحديد الأولويات، فليس من المعقول أن أتحدث عن علاقات صداقة مع الجنس الآخر، وذات الشخص لا يصلي أصلا، فحديثي معه يعد نوعا من العبث، ولكن المهم تأصيل المسألة.. لماذا نلمس على الواقع عكس ذلك وقلة من الدعاة من ينزل إلى الميدان؟ هذا صحيح وأعترف به، لكن دعني في البداية أوضح للشباب أمرا مهما، ودعني أوضحه بمثال، لو حصلت مساهمة كبيرة، وبدأ الناس يتهافتون إليها فهل يعقل أن نقول إن الشباب مساكين لابد أن يذهب مندوب إليهم حتى يساهموا؟! بالتأكيد لا، والسبب أن الشباب هو من سيستفيد، أنا أطلب من الشباب أن يذهبوا ابتداء إلى الدعاة والمحاضرات، لا أن ينتظروا أحدا يأتيهم، لأنه هو المستفيد في النهاية، وقد يكون من ضمن الأسباب ما ذكرته أنت من قلة الدعاة أصلا، فكم هو عددهم، من هذه الأمة الكبيرة، بالتأكيد العدد يعد قليلا إلى حد كبير، وهذا الأمر يعد جزءا من المشكلة، ولكن الذي أؤكد عليه أن 95 في المئة من شبابنا هم يحبون الخير ويذهبون إليه. هذا ألا يدفعنا إلى عدم حكر الدعوة على أشخاص معينين؟ بالفعل هو كذلك، أنا ضد أن تكون حكرا على أحد بعينه، وهذا أمر مسلم به، ولكن بعلم وبصيرة وتقوى، فلا يمكن أن آتي برجل من الشارع ويفتيني في مسألة علمية شرعية، ولكن يجب أن يكون الأمر بضوابطه، ثم إن مسألة الدعوة كما تعلم أخي الكريم، هي لكل الناس، والله عز وجل أمرنا بالدعوة إليه، وبالتالي كلنا مأمور بالدعوة. لكن لو نظرنا إلى من يمارس الدعوة هم أشخاص لهم سمات معينة؟ كلامك صحيح وحتى أكون صريحا معك، بعض الدعاة يجعل موضوع الدعوة إلى الله قضية صعبة جدا، لا يمكن أن يتعاطها إلا إنسان وصل إلى مرحلة معينة من العلم، ثم حديث بعضهم ولمزهم للآخرين بأنهم ليسوا بأكفاء للقيام بهذه المهمة، على ذهنية الشكل والمظهر أحيانا، والأفعال أحيانا أخرى، وإن كنت أربط هذا أيضا بثقافة المجتمع بأن الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى لها أهلها، ولكن هذا الأمر ليس صحيحا على إطلاقه، فأنت أو أنا أو الآخر لديه خبرة في الحاسب الآلي مثلا، وهو يسخر ما يعرفه من تقنية للتواصل مع الآخرين، ودعوتهم إلى الدين الحق، يا أخي الطلاب المبتعثون مثلا يصلون إلى أماكن متفرقة، من خلال تعاملهم الحسن وأخلاقهم العالية، هم يقدمون دعوة صامتة، قد يكون أثرها أكثر وقعا من الحديث، وتوزيع الكتب والأشرطة، وهنا لا بد أن تختفي من ذهنية الناس، أن الدعوة إلى الله مرتبطة بسلوك أو صفة معينة، يا أخي المسلمون في دول شرق آسيا كيف انتشر عندهم الإسلام، أليس بالأخلاق الحسنة والعالية، أليس بتعامل التجار وتسامحهم معهم، نحن بحاجة إلى إعادة تطبيق السلوك علينا كمسلمين، فمن خلال السلوك الحسن فقط، أنت تستطيع أن تدعو إلى الله تعالى. هل مرت بك قصص حول إسلام البعض بسبب التعامل الحسن؟ بالفعل، جاءت إحدى القنوات الألمانية، وأجرت معي حوارا في المسجد قبل سنوات، فحضر المصور والمقدم والمترجم، طبعا كان تركيزي أكثر مع المقدم والمصور الألماني، لكنه من أصل مصري فيعرف الإسلام، وأنا كان حديثي عن الإسلام وعظمته وفضله وعن أخلاق المسلمين، وأيضا كنت أمارس شيئا من الأسلوب الذي لا أتصنعه مثل الابتسامة مع الموجودين وأقدم لهم القهوة، وألاطفهم أحيانا، المهم بعد نهاية المقابلة، ونحن على وشك الخروج من المسجد قلت للمترجم أن يقول للأخ المقدم الذي من أصول مصرية أتمنى أن تكون هناك صورة الإسلام الحقيقية واضحة في ألمانيا، فقال لي المترجم إن المصور الألماني يريد أن يسلم، أنا استغربت، لأني لم أدعهم إلى الإسلام أصلا، وقال، والحديث للمترجم، إذا كان الدين الإسلامي يمثله هذا الشخص والطريقة التي سمعتها والكلام الذي سمعته، فأنا أرغب في الإسلام، وبالفعل نطق الشهادة قبل أن يركب إلى سيارته ذاهبا إلى المطار، مغادرا لألمانيا، فهذا أسلم، مع أنني في أساس الأمر لم أقصده بالأسلوب، فتخيل معي لو عنيته أو حاولت أن أتعامل معه بالأسلوب الدعوي كيف سيكون ذلك.