تنطلق الغيرة من مركز إحساس الرجل برجولته ودوره ومسؤوليته، ومن مركز قيمه وأخلاقه واعتزازه بهذه القيم، وكذلك من حرصه على حياته الأسرية ورغبته المخلصة في استقرارها وثباتها واستمرارها. أما الذي لا يغير فهو رجل غير حقيقي، ومنعدم الرجولة، ويعاني اضطرابا في إحساسه بذكورته تجاه الأنثى، واضطراب إحساسه بدوره كرجل، واضطراب إحساسه بالمسؤولية. والغيرة الطبيعية هي التي يستشعرها الرجل في المواقف العادية التي تعبر عن حبه لامرأته، فالغيرة شعور صحي وجميل، على الرغم من أنه مؤلم بعض الشيء. وغيرة الرجل هي غيرة الراعي والمسؤول. وتحمل الغيرة الطبيعية في طياتها احتراما وتقديرا لهذه الزوجة، فهي تستحق أن يُغار عليها؛ لأنها كائن ثمين وقيّم، وهي شيء جدير بالحفاظ عليه وحمايته. إذن الغيرة إعلاء من شأن المرأة وتعبير عن سمو مكانتها وقدسيتها. والرجل الحقيقي هو الذي يغير، والزوج الحقيقي هو الذي يغير، والمحب الحقيقي هو الذي يغير. وأيضا إذا فقد الرجل احترامه للمرأة فإنه لا يغير عليها، وإذا تقطعت كل الصلات الإنسانية والروحية بينهما فإنه يفقد تماما مشاعر الغيرة؛ لأنها حينئذ لا تعنيه هذه المرأة ولا يهمه أمرها، ويفقد بالتالي إحساسه بالمسؤولية تجاهها. إذن الغيرة الطبيعية والصحية هي خليط من مشاعر القوة والحزم والشجاعة والإقدام والتحدي، هي الطاقة التي تنبعث في الجسم والروح فيشعر الإنسان بذاته الرجولية الذكرية الحقيقية، وتدفعه إلى أن يكون متأهبا ومستعدا للدفاع عن حرماته وكرامته إذا ما اقترب منها الآخر.