دخول دائرة (جوازات جدة) ليس كالخروج منها، فالداخل مكدود، والخارج مولود.. وفي موسم الإجازات تكون الصورة أكثر قتامة ومعاناة.. إذ تزدحم الجوازات بالمراجعين، من مواطنين ومقيمين.. إما لاستخراج جواز سفر جديد أو تجديد قديم أو الحصول على تأشيرة خروج وعودة. تبدأ رحلة المعاناة من شح مواقف السيارات، والصفوف الطويلة الممتدة، وطول الانتظار، بسبب ضيق مساحة المواقف، وبالتالي كثرة الوقوف الخاطئ، فالغرامة ممثلة بقسيمة المخالفة المرورية. المرحلة الثانية من المعاناة، تأتي مع دفع الرسوم وانتظار الشبكة و(أرقام البنك)، فضلا عن الصفوف الطويلة لتصوير المستندات، وفي الختام (مَسْك السِرَة) عبر الكراسي، بالداخل لإنجاز المعاملة. “شمس” عاشت تلك المعاناة وسط المراجعين وخرجت بالتالي: لف ودوران في البداية، يستغرب المواطن عبدالمجيد الغامدي عدم وجود مواقف سيارات عند إنشاء أو استئجار مكان لأي منشأة حكومية، وبخاصة تلك المنشآت الخدمية، يرتادها مئات المراجعين يوميا، كل واحد منهم له مركبته الخاصة”. ويتساءل: “إذا كانت المساحات ضيقة أو أسعار الأراضي مرتفعة، فلماذا لا يتم عمل أو إنشاء مواقف متعددة الأدوار”. ويقترح الغامدي أن تكون “مواقف مدفوعة القيمة (الساعة بثلاثة ريالات) مثلا، على الأقل؛ حتى يضمن للإنسان وجود موقف آمن ومُظَلّل، بدلا من اللف والدوران حول الإدارة المعنية عبر الشوارع والطرقات؛ بحثا عن موقف”. ويؤكد الغامدي، أن هذا الوضع “يضطر المراجع إلى تعمّد الوقوف، ولو كان مخالفا للأنظمة والقوانين”. ويتساءل مرة أخرى: “لماذا يعاقِب المرور المُخالف بالجزاءات والغرامات الباهظة، إذا كانت الجهة المعنية أو الإدارة التي تقدم الخدمة، لم توفر المواقف الملائمة لخدمة هذا المرفق الحيوي المهم الذي يقدم خدماته للمواطنين، برسوم مالية؟”. توبة.. وآخر نوبة ويشرح صالح كدوان معاناته مع (الجوازات)، ويقول: “بعد معاناة إيجاد موقف لسيارتك، تبدأ معاناة تسديد الرسوم”. ويضيف: “ترى تلك الزحمة عند أجهزة الصرف الآلي للبنوك التي حددتها (الجوازات) دون غيرها من البنوك”. ويوضح: “ثم تصدم بثاني موقف لك عند الجوازات، فتضطر إلى اللجوء إلى أشخاص آخرين يسددون عنك الرسوم بمقابل مادي، أي تقع ضحية للاستغلال”. ويضيف: “ثم بعد ذلك تسمع نداءات كتاب (المعاريض) الباسطين تحت المظلات أمام (الجوازات)، الذين يقدمون المساعدة مقابل أجر معين، فتضطر للاستجابة لأحدهم؛ حتى تتخلص من هذه المرحلة، ولا تعود إلى هناك مرة أخرى”. قيام.. جلوس ويوضح ثامر، ذاكرا المرحلة الأخيرة من المعاناة، بعد جهد الوقوف طويلا تحت حرارة الشمس الملتهبة، ويقول: “تدخل (الجوازات) وتذهب إلى القسم الذي تريد تخليص معاملتك منه، فتفاجأ مرة أخرى بالزحام الشديد، مع عدم وجود تنظيم أو أرقام لحفظ دورك”. ويضيف: “لكن يقوم المسؤول بتمريرك على جميع الكراسي (قيام.. جلوس)، حتى تصل إلى الموظف المختص”. ويشير إلى أنه “كان من الأفضل توزيع أرقام على المراجعين، وكل جالس في مقعده”. ويقول: “لكن المفاجأة الكبرى، أنك بعد كل هذه المعاناة، قد يقول لك الموظف (عليك بالمرور غدا)”. س.. سؤال؟ ويتساءل المواطن فهد الطلحي الذي عانى من اللف والدوران لإيجاد موقف لسيارته: “ما الجهة المخولة برفع المعاناة عن المواطنين، وتسهيل أمور حياتهم اليومية سواء في هذه المدينة أو غيرها؟ ”. ويضيف: “كيف يمكن توفير هذه المطالب الملحة كمواقف السيارات بجوار الإدارات الحكومية الخدمية بالغة الأهمية كالجوازات، والأحوال المدنية، والمرور، والبنوك، والمستشفيات، وغيرها؟”. ويقول: “من الذي يتخذ القرار الجريء لإيجاد مواقف للسيارات كإجراء ملزم لجميع المنشآت الخدمية التي تقدم خدمات للجمهور، وبخاصة في أشهر الصيف؟”.