“لغة الأرقام لا تكذب”: مقولة انساق خلفها الكثير، فترى أحدهم يسلم ويقتنع إن سمع بكلمة (دراسة/إحصائية/استفتاء)، وفي المقابل استغل البعض هذه العبارة؛ لتحقيق أهدافه! وضمن حوار أجرته صحيفة الحياة مع تركي السديري الثلاثاء الماضي أشار في عرض تعليقه - على تصدر إحدى الجرائد قائمة الصحف المحلية - فقال: “.. أعرف أن هناك مكتبا فيه عمالة من جنسيات عربية عدة يمنحونك التقرير الذي تريده بمبلغ مالي”، ثم يذكر رئيس تحرير جريدة الرياض أنهم زاروه في مكتبه وعرضوا عليه ذلك، لكنه رفض! وإذا وصلت مكاتب (أبو ريال) – بكل أريحية - إلى المنابر الإعلامية، إلى جهات يفترض بها أن تثير كوابيسهم وتفضحهم، فلنا أن نتخيل حال الجهات الأخرى، أزعم أن الأمر أفدح! لذا وفي ظل غياب الرقيب الفاعل يبقى المخرج الوحيد: الوعي! فبه لن ينساق المتلقي خلف (نصبة) الأرقام، ولن يتلقاها حقيقة لا تقبل النقاش، بل سيمحصها؛ ليتأكد من مصداقيتها، فالمتلقي الواعي – مثلا - لن يأخذ بدراسة مجهولة المصدر، كما أنه لن يطمئن إلى استفتاء عملته قناة ذات توجه معين، تتابعها شريحة واحدة، ولن يطمئن إلى إحصائية أجريت على قلة من الناس، أو في منطقة معينة ويروج أنها تعكس صورة المجتمع بأطيافه ومناطقه المتباينة! بالمختصر لنكن أكثر وعيا، ولنطرح أدوات الاستفهام: (من؟ كيف؟ لماذا؟ متى؟ أين؟) على كل من يتشدق بلغة الأرقام، لنعرّي بها دراسات (الهلس).