تبدأ اليوم الاختبارات النهائية لمراحل التعليم العام، للبنين والبنات، وتبدأ معها أوقات القلق الدائم والتوتر اللذين ينشآن في أوساط العوائل في سياق الرغبة في توفير جو هادئ لأبنائهم من أجل تقديم امتحانات مقبولة. وفي مثل هذا الوقت من كل عام تبدأ التجاذبات بين الأسر التي تعتقد أنها الأقدر على توفير الجو الملائم للمقبلين على الامتحانات وبين المدارس والتربويين الذين لا يفتؤون يعظون الأسر عن كيفية التعامل مع هذه الأيام. وفي هذا المنحى يشير التربوي سالم الدهاس (مدير مدرسة) إلى أن القلق أمر نسبي بالنسبة إلى الطلبة؛ فهناك من يشعرون بضغوط قليلة وطفيفة من التوتر، وهم الطلبة المجتهدون منذ بدء السنة الذين استعدوا جيدا لهذا الموسم، وهذا أمر طبيعي، وهناك بحسب الدهاس فئة أخرى تشعر بضغوط شديدة جدا خلال هذه الأيام؛ ما ينعكس سلبا على أدائهم السيئ في الأصل؛ فهذه النوعية من الطلاب هم من المتمادين طوال أيام السنة الدراسية، الذين لا يعرفون شيئا عن المناهج إلا عندما تقترب الاختبارات، وهؤلاء سيرون في الأسبوعين المقبلين أسوأ فترات السنة بالنسبة إليهم بسبب إهمالهم الطويل. وأشار الدهاس، إلى أن الأسر تتحمل جانبا كبيرا من اللوم في هذا السياق، حيث تهمل معظم الأسر أبناءها طوال أيام السنة، وعندما تبدأ الامتحانات يبدؤون بالحجر عليهم وتغيير نظامهم اليومي؛ ما يوجد ضغطا مضاعفا على الطالب أو الطالبة فيؤدي امتحانات سيئة قد تقوده إلى الرسوب، وبذلك يصبح اهتمام العائلة المفاجئ والزائد عن حده، سببا في عدم النجاح. من جانبه، يرى فهد الشعبي (معلم اجتماعيات) أن الطلبة من الأجيال الجديدة لم يعودوا كطلبة الأجيال الماضية؛ فالوعي أسهم لدى الطلاب الحديثين بعدم التخوف من الامتحانات واعتبارها مقياسا للنجاح والفشل في الحياة، بل هم يتقدمون إليها باطمئنان ويعلمون بحجم الفرص المتوافرة لديهم ويدركون تماما ما مدى انعكاس نتائج امتحاناتهم على حياتهم المستقبلية، وبذلك فهم يتقدمون للامتحانات بهدوء نفسي وذهني، واستعداد قائم على الطرق الحديثة في الاستذكار والتعلم. ويشير الشعبي إلى أن التوعية الإعلامية والاجتماعية أسهمت في تغيير النظرة تجاه الامتحانات من وحش مخيف، إلى عقبة يمكن تجاوزها. ويؤكد الشعبي أن الطالب الذي لا يقلق عندما يقدم على الامتحانات ليس بطبيعي؛ فالقلق أمر مؤكد الحدوث، ولكن الفارق هو بين القلق الطبيعي الذي يدفع إلى المثابرة والتفوق، والقلق المرضي الذي يدفع إلى الاستسلام أو اللجوء إلى خيارات غير مشروعة كالغش. ويدعم الشعبي رأيه بأمثلة يستقيها من البيئة التربوية؛ فهو يلاحظ أن كلا من الطالب المتفوق والطالب المهمل يقلقان قبيل خوض الاختبار؛ فالمهمل يدخل قلقا من أن تكون نتيجته الرسوب، بينما الطالب المتيقظ يصاب بالقلق خوفا من ألا يحصل على الدرجة الكاملة، وهذا هو الفارق بين نوعي القلق.