يشبه الكثيرون الدروس الخصوصية بالكابوس السنوي الذي يجثم على أنفاس الأسرة، وبات فيروسا يهدد كيان العملية التعليمية برمتها. أما تعدد وتشعب وتعقد مسبباته وغموضه وتحوله في السنوات الأخيرة إلى ظاهرة تتنامى وتتعاظم في ظل سكوت وتجاهل الأسرة والمدرسة والمعنيين بشؤون البيت التربوي والتعليمي بكل أركانه ومفاصله المشتركة، فيدعو إلى الغرابة، خصوصا أننا أمام حالة سلبية تضرب العملية التعليمية في مقتل من دون أن يعي أو يستفيد القائمون على التعليم بتجارب الدول العربية الأخرى التي دفعت الثمن باهظا بتردي حال التعليم فيها، وتراجع دور المدرسة والمؤسسات التعليمية وانعدام الثقة فيها وفي مخرجاتها التعليمية، فضلا عن تكريس ثقافة الاعتماد والتواكل والتفوق المدفوع الأجر، والبقاء لمن يدفع أو من يقدر على شراء الذمم والضمائر المهنية والأخلاقية، على حساب قيم وفضائل ولّت إلى الأبد. والمشكلة ليست في تناول الدروس الخصوصية كظاهرة بقدر ما يثير القلق من التعامل معها كأمر واقع فرض نفسه، وعلى الجميع أن يتقبله، بل باتت الظاهرة نوعا من الترف، والوجاهة الاجتماعية، ونافذة للتباهي السلمي بالقدرة المادية. إن ظاهرة انتشار ظاهرة الدورس الخصوصية بين الطلاب والطالبات يرجع إلى انعدام الثقة في المدرسة، ويمكن توصيف وحصر الأسباب الكثيرة التي يمكن إنجازها في نظام التقويم والامتحانات، وحل هذه الجزئية يتمثل في اتباع أنظمة تقويم تربوية تعتمد على التقويم المستمر، وفق مجموعة مقومات أخرى غير الحفظ الآلي، مثل تنمية مهارات البحث والإبداع والابتكار والاستيعاب، وكذلك المناهج الدراسية التي تعتمد على السرد والحفظ والاستظهار بصورة لا تعكس المستوى الحقيقي للطالب، ويكمن الحل في إيجاد مناهج تعتمد على التحليل والاستقصاء والاستنساخ وتطوير المواهب الفردية، وانتشار ثقافة الدروس الخصوصية، وعدم اهتمام أولياء الأمور بمتابعة أبنائهم باللعب واستهلاك الوقت، إضافة إلى عدم التعاون بين الأسرة والمدرسة.