بادرت مجموعة من طالبات المرحلة الثانوية في إحدى مدارس الخبر إلى تكوين فرق رياضية يمارسن من خلالها رياضة كرة السلة (Basketball) في باحة المدرسة الداخلية، هذه الرياضة التي لا تأخذ صفة السماح رسميا بمزاولتها في مدارس البنات الحكومية، وكأنهن يوجهن رسالة عبرت عن رغبتهن الجامحة في تحريرها، مفادها: »نريد أن نمارس الرياضة؛ فالسمنة باتت في أوساطنا متفشية«. وبالفعل أسست تلكم الطالبات وبجهودهن الذاتية أربع فرق طلابية في لعبة كرة السلة، اتخذن لكل فريق لونه الخاص به، الذي يميزه عن غيره، وهي (الأصفر، الأزرق، الأحمر، الأخضر). »شمس« التقت قائدات الفرق وصاحبات المبادرة في إدخال هذه اللعبة المدرسة، وأدارت معهن التحقيق الآتي: داخل الأسوار مريم الملا (إحدى المؤسسات لفرق كرة السلة المدرسية) تتحدث عن بدايات هذه الخطوة ل»شمس« وتقول: »بدأت فكرة التأسيس لهذه اللعبة وإدخالها الحرم المدرسي كسابقة من نوعها في المدارس الحكومية قبل نحو العام«. وتضيف: »انبثقت فكرة الممارسة الرياضية حقيقة داخل أسوار المدرسة من إحدى الحصص الدراسية التي كانت تستلزم التفكير في عمل وإنجاز مشروع تطوعي يجمع بين الطالبات ويعود عليهن بالنفع والفائدة«. وتقول: »بالفعل فكرنا في مشروع تأسيس فريق لكرة السلة في المدرسة، وبدأت الفكرة تتبلور وتجد مكانتها الفعلية من التنفيذ«. النجاح والفشل وتشير مريم إلى أن »تأسيس الفريق بدأ بجهود ذاتية من قبل الطالبات، وبموافقة من مديرة المدرسة التي اعتبرت الأمر تجربة قابلة للفشل أو النجاح، ولم تعترضهن مشاكل إدارية في هذه الناحية«. وتضيف: »بدأنا بعمل إعلان على كافة الصفوف الدراسية للراغبات في الانضمام إلى الفريق، وكانت النتائج مبهرة«. وتوضح: »توافدت أعداد كبيرة من الطالبات، ولاقت هذه الفكرة نصيب الأسد من إعجابهن، وحظيت بقبول واسع النطاق؛ الأمر الذي جعلنا نؤسس أربعة فرق، يضم كل فريق منها سبع طالبات«. وتبين مريم أن »شغل أوقات الفراغ واستثمار طاقات الطالبات في الاتجاه الصحيح كان السبب وراء إقدامهن على هذه الخطوة«. مؤكدة أن عددا من طالبات المدارس يلجأن إلى سلوكيات خاطئة وتصرفات شاذة، بسبب افتقادهن معرفة الطريق الناجع لاستثمار أوقاتهن بما ينفع. كسر النمطية وتؤكد مريم: »هذه الخطوة أحدثت نوعا من التغير لدينا وكسرنا بها النمط التقليدي الذي كان يميز المدارس الحكومية«. وتضيف: »ساهم نظام مدرستنا الذي يصنف على أنه يميل إلى التأهيل لدخول الحياة الجامعية، وهو ما يعرف بنظام المقررات (التعليم المطور)، في تسهيل مهمة إدخال الرياضة لدينا«. وتقول: «لم يغب الجمهور من حسابات وأذهان الطالبات المنضمات إلى الفرق«. وتذكر: »قمن بوضع إعلان لاستقطاب المشجعات، ولاقت هذه الخطوة أيضا استحسان الكثيرات، وأصبح لكل فريق رابطة من المشجعات أضفن على المباريات طابع الحماس من خلال الأهازيج التي يطلقنها، والهتافات التشجيعية التي تشعل فتيل المنافسة بين الفرق الأربعة«. المستقبل وعن الخطط المستقبلية تشير مريم إلى أنهن يعتزمن إدخال لعبة جديدة وهي تنس الطاولة، لافتة إلى أن مشاركاتهن في الأنشطة اللاصفية التي تقيمها المدرسة بين فينة وأخرى يسعين من خلالها إلى جمع المبالغ المطلوبة لإدخال هذه اللعبة. وتؤكد أن كرة السلة ستستمر إلى العام المقبل أيضا. الحكم من جانبها أوضحت غالية القرني (قائد أحد الفرق والحكم) أن ممارستها لكرة السلة ليست بالجديدة عليها، إلا أنها كانت تحلم بأن تلعبها مع صديقاتها، »وهو الأمر الذي تتحقق على أرض المدرسة«. مشيرة إلى أنها تحب هذه الرياضة منذ صغرها وتقوم بمزاولتها إلى جانب معرفتها التامة بقوانين اللعبة؛ ما أهّلها لتكون الحكم في معظم المباريات. وأشارت إلى أنها تلقى اعتراضات كثيرة من قبل اللاعبات، إلا أنها لا تتراجع عن أي قرار تتخذه. وعن اختيار ألوان للفرق عوضا عن أسماء لأندية معروفة، قالت غالية: »هناك تباين واختلاف بين عضوات الفرق في الميول الرياضية، فآثرنا اختيار الألوان وتسمية الفرق بأسماء لا تمت للأندية المعروفة بصلة؛ اتقاء للتعصب الذي قد يسهم في حجب المتعة والفائدة المنتظرة من اللعبة«. إجماع على السلة وعن اختيار كرة السلة دون غيرها أجمعت كل من نداء مليباري وغالية القرني ومريم الملا على أن كرة السلة هي الأنسب لتكوين الفتاة إلى جانب مساحة المدرسة التي لا تتلاءم مع سواها. وأشرن إلى أنهن لم يحبذن إدخال كرة القدم؛ كونها ذات طابع خشن وتصنف على أنها لعبة رجولية. وأعربن عن أملهن بأن تعمم الفكرة على كافة المدارس الثانوية، وطالبن بدوري بين مدارس الخبر، يقمن على أثره بتكوين منتخب، يضم أفضل اللاعبات في المدرسة لتمثيلها في المنافسات الخارجية. الشرارة بدورها تؤكد ريم النهدي (إحدى مؤسسات الفرق) أن »فكرة الدرس التي تدور حول عمل يخدم المجتمع كانت الشرارة التي أشعلت فينا الرغبة لممارسة الرياضة«. وتضيف: »ما لمسناه من تأييد من قبل طالبات المدرسة كان كفيلا بأن تدخل الرياضة المدرسية كمنهج رسمي ضمن المنهاج الدراسي«. مشيرة إلى أن »ما تحقق على أرض الواقع ما هو إلا اجتهادات، على الرغم من الإمكانيات القليلة«. لافتة إلى أنهن لم يستطعن إدخال الكرة الطائرة عوضا عن السلة؛ بسبب عدم وجود مساحات كافية، وخوفا من الإصابات في مكان يعد غير مهيأ لهذه اللعبة تحديدا.