إن تفاعل الشرطة مع المجتمع في قضية الأمن من خلال تبنيها مفهوم الشرطة المجتمعية، الذي تقوم على التعامل مع احتياجات المجتمع المحلي ومشكلاته، ومشاركة المواطنين والمقيمين معها في مواجهة ذلك، وتفعيل دوره في مواجهة الجريمة ومكافحته والوقاية منها ضرورة تقتضيها المصلحة العامة. ومن أهم أهداف هذا التفاعل تفعيل الدور الوقائي من الجريمة من خلال الوفاق الاجتماعي، وكسر الحاجز النفسي بين الشرطة وأفراد المجتمع، وتكريس القيم الإيجابية في المجتمع، إضافة إلى الإشراف على متابعة ضحايا الجريمة، وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي لهم، وغيرها من الأهداف التي تصب كلها في تكريس مفهوم الأمن الاجتماعي الذي يشارك في حفظه وحمايته والوصول إليه الجميع، وليس الأجهزة الأمنية فقط. إن جهاز الأمن الناجح في أي مكان في العالم هو الذي يتفاعل مع المجتمع؛ مما يدفع هذا الأخير إلى التفاعل معه، والذي لا يختصر قضية الأمن في التعامل مع الجرائم ومظاهر الخلل والانحراف بعد وقوعها فقط، وإنما يتبنى استراتيجية شاملة تقوم على تحصين المجتمع من كل ما من شأنه أن يهدد أمنه، والاستفادة من كل الهيئات والمؤسسات الأخرى، التي يمكنها تقديم المساعدة من أجل وقاية المجتمع والحفاظ على استقراره، ومواجهة أي اعتداء على حرية الأفراد وممتلكاتهم، وليس هذا دورها فقط في هذا الشأن، وإنما هناك أدوار أخرى كثيرة ومساعدة ومكملة، يمكن من خلال تفعيلها والوصول بها إلى الأمن الكامل والمستقر والشامل، مثل دور مؤسسات التنشئة الاجتماعية، وصناعة القيم وتوجيه الرأي العام مثل البيت والمدرسة والمؤسسات الدينية ووسائل الإعلام وغيرها، حيث يمكن لهذه الجهات أن تسهم إسهاما فعالا في الحفاظ على أمن المجتمع من خلال مداخل عدة، أولها التوعية بأهمية التعاون مع رجال الأمن، والخطط الأمنية المختلفة، والنظر إليها على أنها تحقق مصلحة الجميع، وكذلك التوعية بأهمية السلوك السليم والبعد عن مخالفة الأنظمة والقوانين، وتكريس الإيجابية لدى أفراد المجتمع من خلال التصدي لكل ما من شأنه تهديد أمن المجتمع، إضافة إلى تكريس قيم الانتماء للوطن والمجتمع، وبالتالي المحافظة على أمنه ومصالح أفراده.