قبل أكثر من شهر انتهت فترة العقد الذي وقعته أمانة جدة قبل عامين بقيمة خمسة ملايين ريال في مارس 2007 على أمل إعلان 2009 عامَ نهاية الغربان في المدينة، لكن بقي الحال على ما هو عليه، في الوقت الذي تعاقدت فيه الأمانة مع خبراء محليين وعالميين في مجال مكافحة الغربان وتدريب العاملين على طرقها. فيما شهد شهر يوليو الماضي 2008م إعلان أمانة جدة عن حملة للمكافحة المتكاملة للغربان مدشنة ذلك بندوة حضرتها كافة الجهات المعنية والمختصة، وأعلن خلالها عن اعتماد ميزانية قدرها 4.5 مليون ريال لمكافحة الغربان على مدى ثلاث سنوات. ومع تقدير المواطن والمقيم لكل ما تبذله الأمانة إلا أن التساؤلات تعاود الألسن عن تلك الأعداد الهائلة المتكاثرة وعما تثمر عنه جهود الأمانة، وعن مدى القدرة على انتهاء المهمة (الحد من أعداد الغربان) في الزمن المحدد وهو ما كشفته "شمس" في هذا التحقيق. تشير تقارير أمانة جدة إلى انخفاض وجود الغربان في الآونة الأخيرة بنسبة 30 في المئة، لكن ما يمكن تأكيده هو أنه لا يمكن الجزم بزيادة ونقصان العدد في ظل عامل التكاثر المعروفة به الغربان ومحفزاته في بيئة جدة وجهود المكافحة في جدة على الجهة المقابلة. هذه الغربان تصول وتجول في أرجاء المدينة، معلنة البقاء لها، وخسارة خمسة ملايين ريال قيمة العقد الذي وقعته الأمانة مع الشركة المتخصصة. ولم تكن قضية الغربان غريبة أو حديثة على المجتمع، لكنها الأغرب بعدما فشلت كافة جهود المكافحة وتخليص جدة من الظاهرة التي شوهت معالم المكانة التي تحتلها كعروس للبحر الأحمر. إذ إن تجمعات الغربان احتلت كافة الأشجار في الحدائق العامة، بل أصبح مجرد التفكير في إنشاء حديقة خاصة داخل المنازل والمنتجعات السياحية يتطلب أولا التفكير في كيفية وإمكانية التخلص من الغربان قبل فوات الأوان، خاصة أن الأشجار أضحت الملاذ الآمن لهذه الطيور. ثوب متسخ ويعترف سكان جدة أن الأمانة تحاول تخليص العروس من الغربان التي شوهت ثوبها الأبيض الناصع، لكنهم أيضا لا يخفون قلقهم من أن (البقاء للغربان) أمر مرفوض، ويجب تجاوزه سريعا، خاصة في ظل التكاثر السريع للغربان. وبعدما كانت تحلم (ب. الغامدي) ربة منزل، أن يكون لها شرفة تستمتع بها وأولادها بالهواء العليل الذي قد يهب على جدة في بعض الفصول، باتت شرفتها الوحيدة مغلقة طوال فصول العام، والسبب الغربان لأنها "سيطرت على الشرفة، حتى حولتها إلى عش لفراخها، ولا منازع لها في البقاء؛ الأمر الذي جعلني أستغني عن الشرفة، بل أندم أنها داخل منزلي؛ لأنها السبب في قدوم الغربان". حدائق مهجورة أما محمد حسين اليافع فيقول: "أصبحت أفكر في اقتلاع الأشجار التي زرعتها حول فيلتي بحي الأندلس طريق الملك، فلقد تجمع بها عدد من الغربان التي أفسد نعيقها ما كنت أتمناه، "فأصبحت هذه الغربان ترى أنها مكمل لثالوث الماء والخضرة.. ويقول: "استجَرت بالأمانة، لكنني مثل الذي استجار من الرمضاء بالنار، فهم مشغولون بالمكافحة في الحدائق العامة، فكيف يغيثونني في الشأن الداخلي؟". ويعترف بأنه خرج راضيا تمام الرضا بعد المكالمة، حيث يقول: "وعدوني بمباشرة الموقع، وحددوا لي موعد المكافحة والرش في الحي، وما زلت منتظرا رغم مرور أشهر على الوعد". مكافحة في 91 منطقة فيما أكدت مصادر أمانة جدة أنها تنفذ خطة عمل أسبوعية لمكافحة الغربان، تقوم بها فرق موزعة على كافة أنحاء المحافظة، لتشمل ما يصل إلى 91 منطقة. وذلك عبر المصايد وإلقاء الطعوم المسممة للغربان وإزالة الأعشاش وثلاث فرق للصيد. وتمتد أعمال تلك الفرق لتشمل 13 بلدية موزعة على المدينة بأكملها، أما تفاصيلها فهي كما يلي: البلد (6 مناطق)، الشرفية (7 مناطق)، العزيزية (7 مناطق)، المطار (11منطقة)، جدةالجديدة (4 مناطق)، أبحر (4 مناطق)، خزام (7 مناطق)، الجامعة (7 مناطق)، أم السلم (7 مناطق)، الجنوب (7 مناطق)، بريمان (8 مناطق)، ذهبان (8 مناطق)، ثول (8 مناطق).