أصل السحر صرف الشيء عن حقيقته إلى غيره، ومن أصيب بالسحر ليس له أن يتداوى بالسحر، فإن الشر لا يزال بالشر، والكفر لا يزال بالكفر، وإنما يزال الشر بالخير؛ لهذا لما سئل عليه الصلاة والسلام عن النُّشرة. قال: "هي من عمل الشيطان"، والنشرة المذكورة في الحديث هي حل السحر عن المسحور بالسحر. أما إن كان بالقرآن الكريم والأدوية المباحة والرقية الطيبة فهذا لا بأس به، وأما بالسحر فلا يجوز كما تقدم؛ لأن السحر عبادة للشياطين. والسحر من أعظم الكبائر الموبقات، بل هو من نواقض الإسلام، واختلف العلماء في حكم الساحر، وهل يستتاب وتقبل توبته أم يقتل بكل حال ولا يستتاب إذا ثبت عليه السحر؟ والقول الثاني هو الصواب؛ لأن بقاءه مضر بالمجتمع الإسلامي والغالب عليه عدم الصدق في التوبة؛ ولأن في بقائه خطرا كبيرا على المسلمين. ما دعاني إلى ذكر ما سبق هو للأسف انتشار أعمال السحر في المجتمع السعودي بشكل مخيف، ولا يكاد يوم يمر إلا ونسمع قصة جديدة أبطالها أحد العمالة الوافدة، ورغم الجهود الكبيرة التي تقوم بها هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في كل المناطق والمحافظات السعودية مع بقية الأجهزة الأمنية الأخرى، إلا أن بعض ضعاف النفوس لا يزالون يلجؤون إلى هؤلاء السحرة والكهان. واطلعت على إحدى هذه الظواهر التي انتشرت أخيرا في المجتمع السعودي في التحقيق المميز الذي نشرته جريدة "شمس" في عددها رقم (1175) الصادر الثلاثاء 31 / 3 / 2009م بعنوان (سحر بالتقمير)، ونشكر لها جهودها في تبصير المجتمع بهذه الظاهرة الأخيرة. ختاما، نسأل الله العافية والسلامة من شر السحرة والكهنة وسائر المشعوذين، كما نسأله سبحانه أن يقي المسلمين شرهم، وأن يوفق حكام المسلمين للحذر منهم وتنفيذ حكم الله فيهم؛ حتى يستريح العباد من ضررهم وأعمالهم الخبيثة.. إنه جواد كريم.