اطلعت على التحقيق المعنون ب(شيب في علم الغيب) الذي نشر في جريدتكم في العدد رقم 1146، الصادر يوم الاثنين 5 ربيع الأول 1430ه، ولي تعليق بودي أن أدلي به في الموضوع، فما من شك أن تغيير الشيب جائز، بل محضوض عليه، فقد قال الإمام أحمد إني لأرى الشيب المخضوب فأفرح، وعن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا: “إن اليهود والنصارى لا يصبغون، فخالفوهم”. (متفق عليه). ولكن ألفت النظر أيضا إلى أن التغيير ليس أمرا مفتوحا على مصراعيه لمن أراد، بل له ضوابط، من ذلك أن الصبغ يكون بالحناء والكتم لا بالصبغة السوداء كما يعمل الآن كثير من الناس، ولا بأس بالورس والزعفران، لقول أبي مالك الأشجعي، عن أبيه: “كان خضابنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالورس والزعفران”. (رواه أحمد). ولقول النبي صلى الله عليه وسلم عن والد أبي بكر رضي الله عنهما: “.. وجنبوه السواد”. (رواه مسلم)؛ ولقوله صلى الله عليه وسلم: “يكون قوم يخضبون في آخر الزمان بالسواد كحواصل الحمام، لا يريحون رائحة الجنة”. (رواه أحمد والنسائي). وأما حديث: “خضبوا بالسواد؛ فإنه آنس للزوجة، ومكيدة للعدو”، الذي يحتج به البعض فلا يصح؛ لذا علينا أن نمتثل لما أمرنا به الشرع، فمن أراد التغيير لما ألمَّ به من شيب فله ذلك، ولكن عليه أن يجتنب السواد الذي نهينا عنه، وله بعد ذلك أن يختار ما يشاء مما أباح الله له من كتم وغيره، كما أشير إلى أن الشرع كره نتف الشيب، فقد نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم وقال عن الشيب: “إنه نور المسلم”، هذا والله من وراء القصد.