ينظر الشاب محمد زايد الشمري، وراءه بحسرة وألم وهو يهم بمغادرة مركز معارض الرياض، حيث يطلب منه رجال الأمن المغادرة بسرعة ليعيش آخر لحظات معرض الرياض الدولي للكتاب 2009، الذي أسدل ستاره عند العاشرة من مساء أمس الأول وسط حالة من الحزن والضجر للقارئ السعودي الذي عاش عشرة أيام كان فيها قريبا وقريبا جدا من خير جليس في كل الأزمنة، استطاع من خلالها اقتناء الكثير من الكتب، ودفع مبالغ باهظة غير مبال بارتفاع أسعارها. لا يهمني الممنوع وبين الجموع المغادرة في مساء الجمعة الماضي، يلقي محمد الشمري – الذي بدا عليه علامات التدين – آخر نظرة على دور النشر المتناثرة بين أرجاء المعرض وهي تحمِّل ما تبقى من إصداراتها في (كراتين) لشحنها تمهيدا لمغادرة الرياض على أمل العودة العام المقبل لمعانقة فكر هذا القارئ النهم الذي لا يشبهه أحد في الوطن العربي، ويمني الشمري نفسه بالأماني إلى أن تكون هذه الكتب نصيبه يوما ما، ويقول: "جئت للمعرض لهدفين أساسيين وهو الاطلاع على ثقافتي التخصصية في مجال الرياضات بحكم تخصصي في الجامعة، والآخر هو اطلاعي على كتب الثقافة العامة والقراءة في جميع الفنون الأدبية وخاصة الروايات". ولا يجد الشمري حرجا – برغم تدينه - من القول إن دار منشورات الجمل ودار الساقي هي وجهته التي يظفر منها بغنائمه على صعيد الرواية التي يحبها كثيرا، وحول سؤاله عن الإشكاليات التي تحدثها مثل هذه الدور من استقطاب كتب ممنوعة، يقول: "الممنوع لا أبحث عنه ولا اهتم به كثيرا ولست من يشغل نفسي بملاحقة الممنوع على الإطلاق؛ فأنا أبحث عن روايات محددة فقط". وعن ملاحظاته على المعرض، قال: "خريطة المعرض ليست واضحة أبدا خاصة أن المكان كبير جدا وأفضل من السابق، ولاحظت أن أرقام دور النشر غير صحيحة في المعرض". الديكور غائب أما زميله طلال العنزي فيقول: "جئت للمعرض مرتين: الأولى كانت استشكافية والثانية كانت تخصصية أكثر حيث أبحث عن جوانب تشدني". ووصف العنزي تنظيم المعرض بالتقليدي، مشيرا إلى أن الدور تتشابه ولا يوجد فيها أي ديكور يجذب الزائر. لا نحضر من أجل (البرستيج) ويرفض ماجد العتيبي أن تكون زيارة الشاب السعودي للمعرض، هي ممارسة نوع من (البرستيج)، وقال: "من يقول ذلك مخطئ لأن المعرض 85 في المئة من زواره هم فئة الشباب وليس من المعقول أن كل هؤلاء يمارسون البرستيج، فالحقيقة أن هناك إقبالا من الشاب على القراءة". ويكشف يزيد الخليفة جانبا من اهتمامات شريحة الشباب في معارض الكتاب حيث يقول: "أستغل هذه الفرص للبحث عن كتب ساخرة ولها علاقة بالفكاهة أكثر من الكتب الجادة التي تجهد العقل". أما راشد الداود فيعتبر لقاءه بكاتبه المفضل عبده خال هو أفضل مكاسبه في زيارته للمعرض، مشيرا إلى أنه سعيد بهذا اللقاء ويتفاخر به بين زملائه. المعرض افتقد الترتيب وطالب عبدالعزيز الحمدان أن يتم تفادي بعض الأخطاء في الدورات المقبلة من المعرض، مشددا على أن المعرض افتقد الترتيب الصحيح وفرز الدور بعيدا عن انتمائها لدولة معينة، وقال: "من المفترض أن يتم فرز الدور على اعتبار نوعية إصداراتها، حيث لا يكون العرض من قبل المؤسسات، بل عن طريق نوعية الإصدارات؛ فالتقسيم سيكون أفضل لو كان عن طريق العناوين". انفتاح في الحرية وامتدح الشاب الكويتي علي السند الذي يزور معرض الرياض للمرة الاولى قادما خصيصا من الكويت، ما شاهده من انفتاح في المعرض، وقال: "المعرض منفتح على عكس ما يشاع عنه، فقد شاهدت كتبا لم أشاهدها في معرض الكويت لأنها تعتبر ممنوعة وهذا أمر غريب، فمن المعروف أن الكويت أكثر حرية لكن ما شاهدته أمر أسعدني"، وتابع: "هناك تنوع في الكتب على الرغم من أن الطابع الديني هو السائد، وفي معرض الكويت هناك معرض خاص للكتب الإسلامية وآخر للكتب الأخرى"، ويزيد: "هناك إقبال شديد من فئة الشباب والحضور أغلبه من المتدينين وهذا جيد بلا شك"، وكشف السند أن هذا الإقبال الشديد من الزوار يعود لارتفاع سقف الحرية في إجازة بعض العناوين. واعتبر السند معرض الرياض الأكثر إقبالا من الكويت مرجعا ذلك إلى أن المنع هو السبب.