عاشت مدينة مانشستر الإنجليزية واحدا من أيامها الخالدة التي شهدها حضور إنجليزي.. وأوروبي.. وعربي.. ملؤوا جنبات ملعب الأولترافورد الشهير الذي جمع فريقي مانشستر يونايتد الإنجليزي وإنترميلان الإيطالي في واحد من أقوى وأهم اللقاءات في الدور ثمن النهائي لأبطال أوروبا الذي انتهى بفوز مانشستر يونايتد بهدفين دون مقابل. "شمس" احتلت مقعدا ضمن مئات الإعلاميين الرياضيين من مختلف دول العالم.. وتمكنت من الوقوف على كل تفاصيل ذلك اللقاء. أمام الملعب احتشدت الجماهير الإنجليزية الغفيرة وهي تردد أهازيجها الخاصة ورفعت الأعلام التي تحمل صورا وأرقاما للاعبي مانشستر يونايتد الفريق المستضيف، بعدها وصلت الحافلات التي تنقل الجماهير الإيطالية وتوقع العديد أن تكون هنالك مشاحنات وبعض من حالات العنف ولكن الأمور كانت في غاية التنظيم وذلك بتواجد الشرطة العسكرية البريطانية التي شكلت جزأين لكلا الفريقين محاطين برجال أمن يمتطون الخيول، كما كانت هنالك العديد من القنوات الفضائية ك "سكاي سبورت" والعديد من الصحف البريطانية والإيطالية ك " ديللي ميرور - ولاجازيتا ديللو سبورت" وغيرهما من الصحف والمجلات العديدة التي استطاعت تسجيل لقاءاتها قبل دخول الجماهير للملعب لأنها لن تستطيع القيام بواجبها الإعلامي داخل الملعب، ومكثت جماهير الفريقين قرابة الساعة الواحدة حتى فتحت البوابات، وبدأت الجماهير الإيطالية أولا بالدخول للملعب في الجزء المخصص لهم وذلك في الجهة الجنوبية من ملعب أولد ترافورد، حيث خصصت لهم قرابة خمسة آلاف مقعد فقط، وبعد أقل من نصف ساعة توافدت جماهير مانشستر التي ملأت الجزء المتبقي من ملعبها، وقبل بدء المواجهة كان لنا لقاء مع عمران كريم من دولة ليبيا الذي تواجد في مانشستر للدراسة وعبّر عن سعادته وعشقه لكرة القدم الإنجليزية، حيث كان حاضرا لمشاهدة اللقاء يقول عمران كريم: "في لقاء كروي كبير بين أكبر فريقين في إيطاليا وإنجلترا لا يسعني سوى أن أستمتع بالمشاهدة وترديد الأهازيج مع جماهير فريقي مانشستر يونايتد. دوري أبطال أوروبا من أقوي الدوريات في العالم بعد كأس العالم هذا الدوري الذي عودنا دائما كمتابعين الجمع والخلط بين كرة قدم إسبانية مع إنجليزية وإيطالية مع ألمانية". ويضيف عمران كريم: "كنت قبل قرابة أسبوع في رحلة مع عدد من الطلاب الذين أدرس معهم حيث كان برنامج الرحلة يتضمن الذهاب إلى ملعب أولد ترافورد وشاهدنا كافة مرافق الملعب حيث أصابتنا الدهشة مما رأينا وتحدثت مع عدد من أصدقائي السعوديين؛ لكون ملاعبنا العربية لا تفتقر للمال ولكنها تفتقر لثقافة الشارع وهذا امر مهم. علما أن الأجواء الجميلة التي تنعم بها معظم دول أوروبا تساعد كثيرا على جمالية الكرة وامتيازها عن بقية دول العالم الأخرى، وأكد عمران أن العديد من لاعبي الدول العربية يتصفون بالمزاجية الحادة وعدم الإصغاء للمدربين وبقية الجهاز الفني، كما أن العديد من لاعبي الدول العربية لا يعتبرون كرة القدم مجرد هواية ولكنها مصدر مالي آخر؛ الأمر الذي يجعلهم لا يستقرون على مستوى واحد وهذا هو السبب وراء عدم احتراف اللاعبين السعوديين والخليجيين والعرب". بعد ذلك اللقاء توجهت للملعب عبر البوابة رقم (2ب) بعد أن استلمت تذاكر دخول الملعب من أحد الأصدقاء في بريطانيا وتوقفت أمام البوابة الآلية عند أحد رجال الأمن الخاصين بالملعب، حيث ألقى نظرة سريعة على ولم يقم بتفتيشي بالطريقة التي اعتدناها في ملاعبنا السعودية حيث قال لي والابتسامة على محياه: "نتمنى لك مشاهدة ممتعة" وبعد دخولي مدرجات الملعب توقعت تلقائيا أن يكون هنالك تدافع من قبل الجماهير الغفيرة التي يبلغ عددها 67 ألف متفرج، ولكن وجدت العكس فالجيمع في نظام مميز وترتيب وهدوء جميل ويرددون الأهازيج الخاصة بالنادي الذي توافدوا على الملعب لتشجيعه ومؤازرته، وحاولت جاهدا قبل بدء اللقاء أن أتحدث مع عدد من الجماهير الإنجليزية، ولكنني وجدت الرفض التام وذلك بحجة أن ما أقوم به قبل بدء اللقاء ممنوع في الملاعب الإنجليزية، وعلى الرغم من ذلك وجدت أحدهم يسألني: من أين أنت؟ فأجبته بأنني من السعودية وقد حضرت لمانشستر كي أقوم بمهمة صحافية وهي تغطية اللقاء الكروي وتحليل المباراة، فقال لي: "قدمت من السعودية كي تحضر اللقاء فقط وتقوم بتغطية المباراة للصحيفة التي تنتمي إليها. هذا دليل على محبتكم لأنديتنا وكرتنا الإنجليزية ودليل كذلك على مدى حرصكم على تطوير كرة القدم في السعودية فأنتم لديكم أندية قوية شاركت في وقت سابق في كأس العالم للأندية، ولا ننسى أن هنالك ناديا قويا لديكم هو النصر السعودي الذي شارك في كأس العالم للأندية وتسجل حضوره بشكل قوي، كما يوجد لديكم فريق الهلال الذي واجه مانشستر يونايتد، وناد من مدينة جدة كان قد شارك في كأس العالم للأندية، وهذا دليل أيضا على قوة كرة القدم السعودية التي تنعكس على منتخب بلادكم". اهازيج اليونايتد انطلقت مبكرا وعند دخول الفريقين أرض الملعب واطلاق حكم اللقاء صافرة البداية كان هنالك حماس كبير من جميع الجماهير التي وقفت قرابة الدقيقة رافعة أعلامها وهي تنادي "glory glory man united"، وفرض مانشستر سيطرته منذ بدء اللقاء حيث تشكلت الخطورة من قبل لاعبي الأجنحة راين جيجز وكريستيانو رونالدو الذي تعشقه جماهير مانشستر يونايتد؛ الأمر الذي يجعلها تقف كلما وصلت الكرة بين قدمي الفتى البرتغالي، وفي الدقيقة الرابعة من أحداث الشوط الأول تقدم مانشستر بهدف عن طريق مدافعه "فيديتش" هذا الهدف جعل الجماهير الانجليزية تفجر أهازيجها الصاخبة رافعة أعلامها دون توقف، ورعم تقدم مانشستر المبكر وصيحات جماهيره الكبيرة إلا أن الانتر لم يتأثر كثيرا كدليل على تعود اللاعبين على مثل تلك المواقف، ولكن محاولات الانتر لتعديل النتيجة باءت بالفشل لتنتهي بذلك الحصة الاولى من اللقاء بتقدم مانشستر بهدف نظيف. رأسية رونالدو أشعلت المدرجات في بداية الحصة الثانية سيطر مانشستر على مجريات اللقاء حتى تمكن رونالدو من تسجيل الهدف الثاني لفريقه برأسية رائعة في الدقيقة "48" هذا الهدف الذي جن على أثره المدرج المانشستراوي لأنه أتى عن طريق أفضل لاعبي مانشستر حيث يعتبر هذا الهدف هو الأول للفتى البرتغالي رونالدو في دوري أبطال أوروبا في نسخته الحالية بعد آخر هدف سجله في البطولة الماضية أمام تشلسي الإنجليزي في نهائي موسكو. ليستمر اللقاء على حاله دون تغير بالنتيجة ليصعد مانشستر للدور ربع النهائي. التنظيم منع الشغب وبعد نهاية المباراة بدأت الجماهير الغفيرة الخروج من ملعب الأحلام حيث كان خروجها بشكل منظم للغاية فلم يتم السماح للجماهير الإيطالية الخروج من أرض الملعب حتى تبتعد الجماهير الإنجليزية تفاديا للاشتباكات التي قد تنتج خارج الملعب، وبعد الخروج وجدت أن الحافلات الإيطالية تقف أمام البوابة لكي تنقل الجماهير الإيطالية مباشرة لمطار مانشستر، هذا التنظيم أتاح لجميع الجماهير الإنجليزية الخروج بهدوء تام ومن غير نشوب اي مشاكل. ووجدت على مفترق الطريق مجموعة من الشبان العرب وتحدثت معهم عن اللقاء فأجابني معاذ العتيقي من دولة الكويت "لقد استمتعت بمشاهدة اللقاء الأوروبي الكبير الذي طالما حلمت بمشاهدته وخصوصا في هذه التحفة الهندسية "الأولد ترافورد" ملعب الأحلام الجميل، لقد كان اللقاء رائعا للغاية فلم نجد أي صعوبة في الدخول والخروج وقد حصلنا على تذاكر المباراة منذ قرابة 3 أيام حيث وصلتنا إلى الفندق الذي نسكن فيه، إن التعامل هنا في إنجلترا مميز فهم مميزون في أخلاقهم وتعاملهم معنا كما أن لغتهم المتداولة بينهم هي "الابتسامة" وهي لغة العالم" وأضاف العتيقي: "نأمل من جميع لاعبينا السعوديين والخليجيين أن يكون لديهم نوع من الانضباط والثقافة الكروية التي نفتقرها في ملاعبنا الخليجية، فها هم لاعبونا الخليجيون وليكون بدر المطوع خير مثال هنا فهو رجل عسكري في الجيش في الصباح وفي المساء لاعب كرة قدم". ومن حيث النظام والحماية من الاشتباكات يقول عبدالوهاب الرشيد: "خير مثال على النظام هو حجز مشجعي نادي انتر ميلان الإيطالي ومنعهم من الخروج حتى يبتعد وتخلو المدرجات تماما من تواجد الإنجليز وهذا جميل ولا يتواجد في ملاعبنا." مورينيو يغازل الانجليز وقد تصدرت تصريحات مورينيو عناوين الصحف الانجليزية أمس حيث قال مورينيو لصحيفة تيلجراف " أثبت لي الطليان أنهم عواجيز ولا يقارنون بشباب إنجلترا وفي الحقيقة أنا مشتاق لضباب لندن وبقي لدي المزيد من المهام في إيطاليا." وقال مورينيو ايضا لمجلة مانشستر "لم أستطع التفكير كثيرا في اللقاء فالأهازيج التي قام بها الجمهور الإنجليزي شوقتني لإنجلترا وأخرجتني من طور المباراة ولكن أهنئ فيرجسون وأهنئ رونالدو وبقية اللاعبين على الفوز."