يعرف مواطنو مكة السبب الحقيقي لتردي وانخفاض مستوى النظافة في أحياء منطقتهم وحول الحرم المكي. إذ إنهم يشاهدون يوميا عمال النظافة بزيهم البرتقالي الرسمي، وقد استبدلوا عربات جمع القمامة، بحقائب المسافرين وأكياس الأغذية التي يوصلونها من المطاعم للفنادق ومن البقالات للشقق. لكن معرفتهم بما يجري لا تؤدي إلى نتيجة لتعديل الوضع القائم مع إنكار أمانة مكة إنكارا تاما وقطعيا لوجود أي عمال نظافة من المتعاقدين مع الأمانة يعملون لحسابهم الخاص. وأعدت "شمس" لجولة قصيرة حول الحرم المكي، رصدت من خلالها بالصور عمل المقيمين من عمال النظافة لحسابهم الخاص من خلال خدمات التحميل والتنزيل قرب الفنادق والشقق ومن خلال عمليات التوصيل للأطعمة والمواد الغذائية، وكل ما يمكن توصيله. حيث يلجؤون إلى هذه الأعمال الخاصة لأن لا أحد يقوم بها بدلا منهم، وهذا هو السبب الأول، ثم لحرصهم كأي عامل آخر في أي مكان على الحصول على مورد مالي يُضاف إلى الرواتب الضئيلة (500 ريال) التي يتقاضونها من الأمانة. وتعتبر مواسم الحج والعمرة، فرصة ثمينة لهؤلاء العمال، حيث يستطيع أحدهم كسب مبلغ في اليوم يوازي راتب نصف شهر، وأحيانا عندما يكون العامل ذكيا والمراقب كسولا، يمكن تحقيق دخل يومي يوازي الراتب الشهري كاملا. ورغم التسامح وأحيانا التعاطف الذي يحصل عليه عمال النظافة من مواطني وزائري مكة، والرغبة في مساعدتهم من خلال الاستعانة بهم لبعض الأعمال الخفيفة، إلا أن ذلك يأتي على حساب نظافة المنطقة وشوارعها، خصوصا المنطقة المركزية حول الحرم المكي، ويحتاج الأمر إلى اعتراف الأمانة أولا بالوضع القائم ومن ثم بحث حلوله سواء من خلال رفع رواتب العاملين كي لا يضطروا للبحث عن موارد أخرى، وأيضا تشديد الرقابة على العمال لأداء مهامهم. كما يمكن للخروج من هذه الأزمة أن يُسمح لعمال النظافة بمزاولة أعمال التوصيل والتحميل، على أن يكون ذلك بعد أداء مهمتهم التي استقدموا من أجلها في الأصل أي التنظيف؛ فمعظم المقيمين يرغبون في استغلال ما يتبقى من ساعات يومهم بعد العمل في أعمال مفيدة تدر عليهم أموالا تساعد أسرهم في الموطن الذي قدموا منه. ولكن كل ذلك لن يتم ما لم تعترف أمانة مكة بهذه المشكلة وتتوقف عن كيل التهم لمن يشير إليها. ولكن يبدو أن الأمانة لا ترغب في ذلك، بحسب التصريح التالي لمدير مشروع نظافة مكة.