بلاء بين كل نفثة دخان وأخرى يتحدث مناور سعود (29 سنة) عن حكم الدخان وضرره: "رغم أنني أسير السيجارة، إلا أن لديّ قناعة بحرمتها وضررها على الفرد والمجتمع"، ورغم أن هذه القناعات متأصلة في ذهن مناور منذ سنوات، إلا أنه لم يستطع أن يقلع عن التدخين،: "أبي كان العامل الأول الذي دفعني لمحاكاته منذ الصغر، فقد كان مدخنا، وأتمنى أن يأتي ذلك اليوم الذي أستطيع فيه أن أقلع عن التدخين"، ويدخن مناور وأبوه وأخ له يصغره بعامين، وعند سؤاله عن إمكان تطبيقهم لما يعرف ب (سيجارة العائلة)، أجاب: "يستحيل أن أدخن أمام أبي احتراما له، وكذلك أخي الصغير، فعلى الرغم من معرفة كل منا بأن الآخر مدخن، إلا أننا لا نجاهر بهذا الأمر فيما بيننا، وأستغرب مما تقوم به بعض الأسر من اجتماعها على نوع واحد من الدخان يتشاركون في تعاطيه بمكان واحد دون خجل أو احترام؛ فهذا بلاء، ومن ابتلي فليستتر". توفير أحمد سرحان (موظف أهلي) رجل عانقت السيجارة شفتيه منذ الصغر، وتبعه على ذات الخطى أفراد أسرته الخمسة: "على الرغم من أننا عائلة مدخنة إلا أنه لا يكاد يجتمع اثنان على نوع معين من السجائر، فكل واحد منا له نوعه الذي يختص به، ولكن بعد أن سمعت بأمر (سيجارة العائلة) وجدت أنها مناسبة لنا، فبدلا من أن يشتري كل منا نوعه الخاص به نجتمع على نوع واحد فقط"، وعن التغيرات التي وجدها بعد أن طبق (سيجارة العائلة) على أسرته: "في السابق حين تنتهي علبة سجائر، فإن أحدنا لا يجد من يسعفه بذات النوعية؛ الأمر الذي يضطره إلى الخروج للشراء، ولكن بعد توحيد نوع السجائر أصبحنا الآن ندخن نوعا واحدا، وإذا ما انتهت علبة سجائر فإن أحدنا يستطيع أن يأخذ من الآخر ذات النوعية"، والميزة في توحيد نوع السيجارة لا تقف عند هذا الحد (بحسب رأي سرحان): "أضف إلى هذا جانبا اقتصاديا؛ فبدل أن يشتري كل منا علبة واحدة أصبحنا نشتري (كرز) بسعر أوفر". اجتماع عمار الغزاوي (19 سنة) وجد منذ صغره أن أفراد أسرته مدخنون؛ الأمر الذي دفعه إلى تعاطيه منذ أن كان عمره 15 سنة: "لطالما شاهدت والدي وأشقائي يدخنون في السيارة، في المجلس، في كل مكان؛ الأمر الذي رسخ هذه الممارسة في ذهني، ولطالما التقطت بعدهم أعقاب السجائر وأنا صغير لأدخنها وأرى ما يجدونه فيها، واستمر الحال هكذا حتى بدأت التدخين بشكل مستمر منذ أربع سنوات". وعن توحيد السيجارة في المنزل يضيف: "أذكر أن أبي دعانا ذات ليلة في وقت متأخر وعلى عجل، وبعد أن اجتمعنا كنا ننتظر الأمر الجلل الذي دفعه لهذا الاجتماع الطارئ، ولكن ما إن جلسنا حوله في صالة المنزل حتى أخرج علبة السجائر وطلب منا أن نجتمع على هذا النوع الذي يدخنه، ثم أخذ يسرد علينا ما شاهده في التقرير التلفزيوني في إحدى القنوات، الذي كان محوره عن أسر في أوروبا وأمريكا وحّدت نوع الدخان، موضحا إعجابه بها، ورغم طرافة الموقف إلا أن هذا ما حصل بعد ذلك الاجتماع؛ فقد توحدنا على نوع واحد من الدخان، على الرغم من اعتراض البعض في البداية على ترك دخانه والانتقال إلى نوع آخر". شهرة وتضيف زهرة بدير (ممرضة): "على الرغم من نصح الكثير من العاملات معي في القطاع الصحي لي بترك الدخان وعلى الرغم من قناعتي بمضاعفاته الخطيرة، إلا أن ما يقيدني عن قرار الإقلاع عنه هو أن جميع أفراد أسرتي مدخنون، ولدينا عادة وهي أننا نجتمع لندخن معا نوعا واحدا من السجائر، بل أصبح هذا النوع الموحد للدخان باب شهرة لنا بين العوائل الأخرى؛ لذا حالت (سيجارة العائلة) أمام رغبتي في الإقلاع". منع يذكر أنه وفي أوائل عام 1930 حذر هتلر جميع المدخنين من التدخين أمام أبنائهم أو التحدث بكلمات جميلة عن الدخان؛ حتى لا ينساق الأطفال خلف هذه العادة التي تضعف الإنتاجية، واعتبر من يقوم بذلك خائنا للأمة الألمانية ويستحق العقاب، كما أصدر أمرا بمنع التدخين في جميع المباني والأماكن العامة، كما منع الإعلانات في وسائل الإعلام المختلفة وقام بحملات إعلامية ضخمة لمحاربة ما يعرف ب(الأسر المدخنة)، وقدم جوائز مالية كبيرة لكل أسرة تترك التدخين، وصور الإعلام الألماني في حينها بأن التدخين عادة قذرة لا تمارسها إلا أسر اليهود والغجر والهنود الحمر، كما فرض ضرائب ضخمة بلغت 90 في المئة على الدخان؛ ما اضطر الكثير من الأسر إلى ترك التدخين.