دخل رجال المكافحة الخمسة وكرا لتعاطي المخدرات وبصحبتهم (المخبر فيصل)، على شلة الأنس الغارقة في تعاطي الهيروين، والحقن متناثرة في كل مكان.. هذا يضع الحقنة في وريده، وهذا يجهزها ليحقن نفسه، وهذا ملقى على وجهه كالميت.. ولم ينتبه ﺃحد لدخولهم. وبعد دقائق قليلة انتبه (عبدالعزيز المدمن) لهم فحسبهم من المدمنين الذين يرتادون الوكر فقال: من ﺃنتم؟ وماذا تريدون؟ هل تبحثون عن الهيروين؟ فقاطعه ﺃحدهم قائلا: نحن رجال المكافحةوما. إن سمع الجميع كلمة مكافحة حتى طارت (السلطنة) وتناثر الجميع بحثا عن مخرج، منهم من اصطدم بباب الخروج، ومنهم من تسلق الحائط وكأنه (قطو) محاصر، ومنهم من ﺃخذ يدور في مكانه. ﺃما ﺃحدهم واسمه (خالد) فقد كان طافيا لم يسمع شيئا ولم يأبه لشيء، ولو حدث زلزال ما تحرك من مكانه؛ فقد تعاطى ثلاثة ﺃصناف من المخدرات (الحبوب والحشيش والهيروين)، وهذه الخلطة تجعل المدمن لا يعي ما يقول ﺃو ما يفعل، ﺃي ﺃنه يتصرف بلا عقل ﺃو إدراك. يقول (عبدالعزيز: ) "مكثنا في الإدارة تقريبا ثلاثة ﺃيام في التوقيف ولم يعد (خالد) إلى رشده إلا بعد يومين.. وكان يقول: ﺃين ﺃنا؟ ما الذي يحدث؟ ﺃين نحن؟ وعندما ﺃخبرناه بالحقيقة ضحك كثيرا وبكى كثيرا، ثم قال: إلى ﺃين سيذهبون بنا؟ إلى السجن لقد اعتدت عليه. وهناك رﺃيت والدتي، جاءت إلى المحكمة لترى ولدها الذي تأمل بأن يكون من ﺃفضل الناس، ولم تتمالك نفسها، وبكت بحرقة وكادت تسقط من الإعياء والتعﺐ.. وقالت لي إنها لم تذق طعم النوم طوال فترة توقيفي لدى المكافحة. وبدلا من ﺃن تستريح راحت تبحث عن محام يتولى الدفاع عني، لقد حكم علي بالسجن، وفقدت حريتي، متى سأصحو من هذا الكابوس المرعﺐ؟ لقد اعتاد بعض السجناء على دخول السجن وﺃنا منهم؛ فلم يعودوا يستطيعون التأقلم مع البيئة الخارجية، فما إن يخرجوا حتى يعودوا إليه ثانية، وقد ﺃطلقوا على السجن (البيت الكبير)، وجاء الحكم من المحكمة، وكان نصيبي من السجن ﺃربع سنوات، فقلت كيف سأعيش في هذا الكهف المظلم ﺃربع سنوات مرة ثانية. الهواء الفاسد يكتم ﺃنفاسي. الزنزانة تكاد تطبق علي. ﺃين الهواء؟ وﺃين الشمس؟ ﺃين حريتي؟ .. لقد سلبت المخدرات مني كل شيء.