ظل قطاع كبير من الجماهير الرياضية يربط بين الزواج وهبوط المستوى الفني للاعبين وترهل ﺃبدانهم وبطء حركتهم، خاصة في مجال كرة القدم مؤكدين ﺃنه سبﺐ ﺃساسي وجوهري في عدم قدرة اللاعﺐ على العودة إلى مستواه الطبيعي الذي كان عليه قبل الزواج، والاقتران بشريكة الحياة. في حين يقلل البعض الآخر من حدوث ﺃي آثار سلبية للزواج في اللاعبين وإمكانية ﺃن يكون سببا في انخفاض مستواهم، وهو الأمر نفسه الذي ﺃكده بعض الذين مروا بالتجربة وﺃوضحوا ﺃنهم ازدادوا توهجا وإبداعا بعد الزواج والاستقرار النفسي. وﺃثارت هذه القضية جدلا واسعا بعد ﺃن تلاحظ وجود هبوط حاد في مستوى ثلاثة لاعبين في ﺃندية كبيرة بعد الزواج ودخولهم القفص الذهبي في فترة الصيف، مستغلين الفراغ من المشاركات المحلية والخارجية، وهم ياسر القحطاني (الهلال) ومالك معاذ (الأهلي) ومحمد الشهراني (النصر). ومع مطلع الموسم الجديد، واجه هؤلاء اللاعبون الثلاثة نقدا متواصلا من الصحافة الرياضية ومن قبل الجماهير بشكل عام وجماهير ﺃنديتهم بشكل خاص بسبﺐ هبوط مستواهم على ﺃرض الملعﺐ وانخفاض معدلات التهديف لديهم. ولم يسجل ياسر القحطاني حتى الآن سوى ثلاثة ﺃهداف بدوري المحترفين السعودي، في حين اكتفى مالك معاذ والشهراني بهدف وحيد لكل منهما علاوة على زيادة وزن الثلاثي وبطء حركتهم؛ ما ﺃفقدهم اللياقة البدنية وجعلهم عرضة للإصابات المتكررة خلال فترة زمنية لا تتجاوز الشهرين. والطريف ﺃن ياسر ومعاذ لم يعترفا بأي هبوط في مستواهما عقﺐ الزواج، بل إن الأخير ﺃكد ﺃنه بدﺃ يشعر بالاستقرار والراحة النفسية والدافع لتقديم الأفضل، في حين رفض القحطاني تماما فكرة تأثير الزواج في زيادة وزنه وإصاباته المتكررة، مرجعا زيادة وزنه إلى الأدوية التي كان يستخدمها ﺃثناء إصابته في الصيف وتواجده مع المنتخﺐ في معسكر التشيك، مؤكدا ﺃن حياته ﺃصبحت ﺃكثر تنظيما واستقرارا بعد الزواج. ﺃما الشهراني فقد استبعد خلال حديثه إلى "شمس" قصة تأثير الزواج في حياته الرياضية، ﺃو ﺃن يكون للعلاقة الزوجية ﺃي دور في تعرض اللاعﺐ للإصابات بشكل متكرر، مشيرا إلى ﺃنه لم يلحظ ﺃي تأثير سلبي، وقال: "الزواج فيه الكثير من النواحي الإيجابية التي تساعد اللاعﺐ على تقديم عطاء ﺃكبر داخل المستطيل الأخضر، وتساعده على البروز بشكل إيجابي ويأتي من ﺃبرز هذه النواحي الاستقرار النفسي وتنظيم وقت النوم؛ ما يساعد على عدم السهر علاوة على ترتيﺐ ﺃوقات الأكل، وجميع هذه الأمور تساعد اللاعﺐ على تطوير مستواه الفني "، وعن إذا ما كان للزواج دور في هبوط مستواه؟ .. قال": إذا كان هناك هبوط في المستوى فهو يعود إلى ضغط المباريات فقط". في الوقت الذي اشتكى فيه البلغاري ملادينوف مدرب فريق الأهلي، والروماني كوزمين ﺃولاريو مدرب الهلال من غياب مالك وياسر عن التهديف في المباريات، وتأثرهما بالإصابات التي لحقت بهما ﺃخيرا، غير ﺃن كوزمين عاد ليؤكد ﺃن سبﺐ تدني مستوى ياسر في المباريات الرقابة اللصيقة التي كانت تفرض عليه من قبل المدافعين، في حين يرى الكرواتي رادان ﺃن الشهراني ظهر بشكل جيد في المباريات التي لعبها مع الفريق واستطاع ﺃن يدل طريق الشباك. وﺃمام ذلك كان لا بد ل "شمس" ﺃن تطرح هذه التساؤلات لمعرفة رﺃي العلم في المسألة وحسم الجدل الدائر حولها، وبحثا عن إجابة علمية دقيقة بعيدا عن التأويل والتبرير. ﺃوضح البروفيسور جابر الباز ﺃستاذ كيميا ء حيو ية بجا معة ا لملك سعو د بالرياض ﺃنه في البداية لا بد للاعﺐ ﺃو الرياضي بشكل عام ﺃن يحافظ على لياقته ونشاطه قبل وبعد الزواج، وﺃن يكون ذا معرفة وثقافة صحية تساعده على المحافظة على نشاطه وإنتاجه الرياضي. وعندما يكون اللاعﺐ ملما بالإرشادات الصحية سواء كانت من الطبيﺐ ﺃو عن طريق ﺃخصائي تغذية ومطبقا لها؛ فإنها ستكون وسيلة للمحافظة على لياقته ومجهوده الرياضي. ولكن في حالة عدم تقيد اللاعﺐ ﺃو الرياضي بالنصائح والتوجيهات الطبية؛ فإن ذلك قد يعرضه لنقص في الأداء الرياضي بصفة عامة. وعن تأثير الزواج في اللاعﺐ قال: "يمكن القول إن تفوق الرياضي في المنافسات الرياضية يتوقف على النجاح في الحياة الزوجية. وهذا بدوره يرتبط بعوامل عدة منها الاقتصادية والاجتماعية والنفسية والثقافية. وإذا كان هناك استقرار واتزان في هذه العوامل، فسيكون هناك استقرار في الزواج؛ ما ينعكس على ﺃداء اللاعﺐ داخل الملعﺐ بصورة إيجابية ويكون مبدعا ومتألقا. والعكس هو الصحيح". وعن تأثير العلاقة الزوجية في الأداء في المنافسات الرياضية، شدد البروفيسور الباز على ﺃن العلاقة المعتدلة والتغذية العلمية السليمة ينتج منهما اتزان في النشاط الهرموني للجسم، الذي بدوره يساعد على اتزان نشاط الإنزيمات الخاصة بالبناء والهدم في الجسم. ويصبح ﺃداء التدريبات الرياضية فعالا للاعﺐ ومفيدا في بناء كتلة ﺃكبر من العضلات بالجسم ودهون ﺃقل، وزيادة في محتوى العضلات من الجلايكوجين، الذي يعتبر القوة الدافعة للرياضي لأداء التدريبات والمنافسات المحلية والعالمية بنجاح تام ولافت للنظر. ولكن في حالة الإسراف في العلاقة الزوجية؛ فإن ذلك سيزيد من عوامل الضغط الداخلي على اللاعﺐ علاوة على زيادة الضغط الناتج من التدريبات الرياضية؛ ما يؤدي إلى حدوث خلل هرموني نتيجته زيادة نسبة الجلوكاجون والأدرينالين وانخفاض هرمونات الجنس والنمو. وينجم عن ذلك حدوث خلل في نسبة الهرمونات والجلوكاجون ما يسفر في زيادة عمليات الهدم على عمليات البناء في الجسم وزيادة تكسير البروتينات ومن ثم تقل قوة عضلات الجسم وزيادة نسبة الدهون؛ ما يتسبﺐ في انخفاض نشاط الجسم الرياضي وترهل الجسم. وشدد البروفيسور الباز على ﺃن كثرة الإصابات التي تلحق باللاعﺐ بعد الزواج تأتي بسبﺐ انخفاض تخليق الجلايكوجين في العضلات. ويتبع ذلك ضعف في عضلات الجسم وانخفاض القوة الدافعة لممارسة التدريبات الرياضية وﺃداء المنافسات بقوة وحيوية كما كان في السابق. وقد تصل نسبة ا لجلا يكو جين في عضلا ت الرياضي إلى نحو 2.5 في المئة. وكلما تمكن الرياضي من زيادة الجلايكوجين في العضلات ليصل لهذه النسبة، زادت قدرته على ﺃداء التدريبات بالفعالية المطلوبة، كما ﺃنه كلما قلت مقدرة الجسم عن حرق الجلوكوز بكفاءة عالية يترتﺐ على ذلك سرعة حدوث الإصابات. وﺃخيرا قدم البروفيسور الباز في ختام حديثه إلى "شمس" نصيحة لكافة اللاعبين المقدمين على الزواج بضرورة الاعتدال في العلاقة الزوجية مع تناول وجبات غذائية متزنة، بحيث يستطيع إجراء التدريبات الرياضية بقوة وفعالية تحول دون التأثير في مستواه الفني.