ضيفنا في هذا العدد شاب اتسم بالورع ودماثة الخلق، ولعل أفضل ما يميزه هو السعي وبذل الجهد والإصرار المستمر لتحقيق ما يصبو إليه؛ فقد تعّرض للإحراج من أجل إلقاء صلاة الجمعة، ولم يكن مهيأ لذلك، لكنه استعان بالله وتوجه إلى المنبر، فوفقه الله إلى مبتغاه. نرحّب بضيفنا وندعو القراء الكرام إلى الاطلاع على تفاصيل حوارنا معه، فإلى تفاصيل الحوار: ماذا يعني لك شهر رمضان؟ ليس فقط ما يعنيه لي، بل إن هذا الشهر الكريم والمميز له معان سامية في نفوس كافة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وفي شتى أرجاء المعمورة، فهو الشهر الكريم، والموسم العظيم، ميّزه الله من بين كل الشهور، وربّ العزة سبحانه وتعالى يقول في مُحكم كتابه {شهر رمضان الذي أُنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان}، فصيامه ركن من أركان الإسلام، وهو واجب مفروض ومكتوب على كل مسلم ومسلمة قادرين، إلا من كان لديه عذر شرعي يحول بينه وبين صيام هذا الشهر العظيم، إضافة إلى ذلك فهناك ليلة ينتظرها الجميع ويتمنون مصادفتها، هذه الليلة المميزة والمباركة هي ليلة القدر، التي قال عنها ربنا سبحانه وتعالى في مُحكم آياته {ليلة القدر خير من ألف شهر} صدق الله العظيم. لمن تحب أن تستمع من القراء؟ أستمع إلى الكثيرين من القراء؛ فجميعهم يتلون كتاب الله المُحكم، ولكن هناك قراء أفضل الاستماع إليهم وتجذبني أصواتهم، وأبرز هؤلاء الشيخ سعود الشريم، عبدالرحمن السديس، ومحمد المحيسني، وعبدالباسط عبدالصمد رحمه الله. ما الذي يزعجك في رمضان؟ هناك الكثير من الأمور المزعجة، وإذا كان بالإمكان تحمُّل تلك الأمور المزعجة في بقية الشهور فإن لهذا الشهر مكانته وقدسيته، وربُّ العزة سبحانه وتعالى ميز رمضان عن بقية الشهور، وجعل فيه ليلة اعتبرها أفضل من ألف شهر، وبالتالي علينا نحن البشر وخاصة المسلمين أن نعي هذا الأمر جيدا، ونتنبه لهذا الأمر، ونستفيد أقصى استفادة سواء في تهذيب النفوس أو نبذ السلوكيات المخالفة لتعاليم شريعتنا السمحة، كما أنه فرصة رائعة لترك العادات المؤذية والقبيحة كالتدخين وغيرها من الأمور التي تضر ولا تنفع، فالذي يزعجني في رمضان هو غفلتنا عن هذا الموسم العظيم وإعراضنا عن التوبة وإشغال الأوقات بما لا فائدة فيه مثل الأفلام والمسلسلات، وكذلك يزعجني الإسراف في الأكل والشرب؛ يقول المولى سبحانه وتعالى في مُحكم التنزيل {وكلوا واشربوا لاتسرفوا}، وفي مكان آخر من القرآن الكريم يقول سبحانه وتعالى {إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين} صدق الله العظيم. ورمضان هو الشهر الذي تغلق فيه أبواب النيران وتفتح فيه أبواب الجنان وتغل فيه مردة الشياطين، فعلينا استغلاله بما هو مناسب وبما ينفعنا ويعود علينا بالخير العميم في الدنيا والآخرة. متى وكيف بدأت إمامة المصلين؟ هذه الحكاية كان لها الفضل بعد الله في حفظي للقرآن؛ فقد بدأت بحمد الله الإمامة وخطبة الجمعة مبكرا، نظرا إلى حاجة القرية آنذاك إلى من يتولى الإمامة وخطبة الجمعة في المسجد، فلم يكن هناك شيخ أو طالب علم، وقد سافر إمام الجامع، ولأنه لم يكن هناك من ينوب عن الإمام فقد جاءني بعض أهالي القرية، وطلبوا مني أن أخطب بهم خطبة الجمعة، ولكني رفضت هذا الأمر بشدة نظرا إلى مفاجأتي بالأمر، ولأنهم طلبوا مني قبل صلاة الجمعة بساعات عدة، وبعد الإلحاح وافقت، وشاء الله أن تكون بدايتي في ذلك اليوم بصلاة الجمعة، وكان هناك نوع من الارتباك إلا أن الخطبة والصلاة مرت بسلام والحمد لله. اعتاد كثير من أئمة المساجد القراءة على المصلين بين أذان وإقامة العشاء، فهل تؤيد ذلك؟ نعم أنا من الذين يؤيدون هذا الأمر؛ فمثل هذه الأمور مطلوبة ومرغوبة ومفيدة جدا، وإضافة إلى ذلك فهي تعتبر فرصة سانحة؛ حيث النفوس مقبلة، ولاسيما أن هذه الدروس مختصرة ومثمرة، وتحتوي على تعاليم الدين من أمور العقيدة وأحكام الصيام، وفيها ذكرى للمؤمنين. شخصيات أحببتها وتوجه إليها رسائل في رمضان. والدي حفظه الله أقول له جزاك الله خيرا على ما أوليتني من تربية وعناية وتشجيع، حتى تمكنت بفضل الله وعنايته من إكمال دراستي الجامعية، وعبر هذه الجريدة الغراء أتوجه إليه بالدعاء وعاطر الثناء، إضافة إلى صديقي الأمير سعود بن مشعل بن عبدالعزيز آل سعود صاحب الأخلاق الحسنة والسجايا النبيلة فأسأل الله له التوفيق وأن يبارك في عمره، كما أوجه التقدير والشكر للشيخ الفاضل خالد بن محمد العبيدان المدرس في المعهد العلمي برفحاء سابقا، وأقول له جزاك الله خير الجزاء؛ فقد علمتنا أن الدعوة تكون بالأخلاق الحسنة والكلمة الطيبة، فكانت بساطتك هي أجمل مظاهر عظمتك، وهذا هو ما وجدناه في حياتنا العملية، فالتواضع والبساطة من غير تكلف هما السر وراء عظمة كثير من الناس. يقبل الكثير من الناس في رمضان على قراءة القرآن الكريم، فبماذا توجههم؟ إن هذا أمر مفرح ومبهج، فكتاب الله حين يجد الإقبال سواء من الكبار أو الصغار، من الرجال أو النساء فلا شك أن هذه علامة من علامات الخير، خاصة أن الناس في هذا الشهر المميز يقبلون بشدة وتلهف على قراءة القرآن، ولأن النصيحة لله ولرسوله للمسلمين فإني وعبركم أوجه النصح إلى الجميع ليستمروا على المثابرة في قراءة القرآن واكتشاف هذا الكنز الإلهي؛ فهو كلام الرحمن الذي أُنزل على نبيه، يقول الله تعالى {إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا}. ولأني أحب لأخوتي وللمسلمين أجمعين ما أحبه لنفسي ولأفراد عائلتي أتمنى وأقول: ينبغي على المسلم أن يكون على صلة وثيقة بالقرآن الكريم في رمضان وغيره؛ لأن في كتاب الله الخير الكثير، ولأن فيه الطريق إلى السعادة ونيل الأجر والثواب في الدنيا والآخرة، فمن أراد أن يكون سعيدا في دنياه ورابحا في آخرته، ومن أراد أن تتيسر أموره ويقضي حوائجه، فعليه بالقرآن الكريم تلاوة وتدبرا، وسنخرج بفوائد لا حصر لها.