تعود السينما اللبنانية من جديد لتعيد تألقها السابق في الأيام الذهبية من سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، وذلك بعد ظهور موجة جديدة في التسعينيات أسس لها العديد من المخرجين الشباب الذين عاصروا فترة الحروب في لبنان وويلاتها، حتى بات للسينما اللبنانية حضورها المرموق في أرفع المحافل السينمائية الدولية، ولطالما حظي هذا الحضور بالتكريم والثناء الذي كان أحدثه فيلم «تنورة ماكسي» الذي عرض بعرضه العالمي الأول ضمن لائحة الأفلام العربية المشاركة في الدورة الثامنة لمهرجان دبي السينمائي الدولي، حيث كشف مخرجه «جو بوعيد» عن نواياه من الفيلم بقوله: لم أرد سوى أن أتكلم عن أشياء عايشتني، عن صورة تعانق ضعف الذاكرة وتغمرها بأفضل حلة. بدأت بتصوير هذه القصة التي سمعت عنها كثيرا، هذه القصة التي أثارت فضولي، وأثرت في طفولتي فأحببتها. سبقتني فكنت أنا بذاتي نتيجتها.. وبنظري هي أجمل من «ذات القبعة الحمراء» أو «بياض الثلج». بنظري هي شهادة حب وإيمان، وهي قصة امرأة اجتاحت رجلها كما اجتاحت الحرب زوايا العقول فرسمت بكل زاوية شبحا متربصا في الذاكرة. ولذا لجأ «بوعيد» إلى طفل يبلغ سبع سنوات من العمر، ليروي أحداث القصة ويكون صلة الوصل في تشريح كل مرحلة من مراحل قصة لقاء والديه «رندة صيقلي وطوني بو عيد» التي تعود إلى بداية الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982 حيث يطل الصبي الصغير مع افتتاح الفيلم وبيده قماشة سوداء كانت جدته تخيط منها ثوب الكهنوت لابنها «والده» الذي سيتم ترسيمه كاهنا لينذر حياته ووجوده لخدمة الكنيسة، لكن يحصل ما لم يكن في الحسبان، فتجتاح إسرائيل لبنان عام 1982 وتهرب عائلة الفتاة «والدته» من بيروت إلى قرية «بكاسين» الجنوبية، حيث سيلتقي الكاهن الموعود بهذه الفتاة التي كانت حتى تلك اللحظة لا تفكر بالحب أو بالزواج، وهناك تنشأ قصة حب بينهما ستتكلل بالزواج بعد مواجهة كل العقبات الاجتماعية وتعقيدات واقع الحرب، وكما يبدأ الطفل الفيلم سوف ينهيه بعد لقاء خيالي بوالديه يوم زواجهما. الفيلم هو الفيلم الروائي الأول للمخرج اللبناني «جو بوعيد» بعد أن لمع اسمه في مجال الأغاني المصورة والأفلام القصيرة، حيث أخرج عددا من الأغاني المصورة لفنانين لبنانيين وعرب، وحاز جائزة أفضل فيلم روائي قصير «دود الخل» عام 2005 في مهرجان طنجة، وأفضل مونتاج في مهرجان بيروت السينمائي، وقد استغرق تنفيذ فيلم «تنورة ماكسي» أربع سنوات حيث قدم رؤية مبتكرة في التصوير لا تعتمد المؤثرات التقنية بل الأداء التمثيلي، والتغليف الأثيري من الموسيقى التصويرية المفعمة بالأحاسيس التي ترفع من سوية الحدث الدرامي، حاز الفيلم أكثر نسبة مشاهدة في سوق أفلام مهرجان دبي متفوقا على 200 فيلم مشارك.